وبين أمثال العرب أشعار جاهلية الأصل صارت مثلًا، ولا يزال بعض منها حي يضرب به مثل، لما فيه من حكمة ومن ملاءمة لكل وقت وزمان1. وضرب المثل بعجز البيت أحيانًا أو بجزء منه، كما في المثل: "بعض الشر أهون من بعض". فهو من بيت ينسب لطرفة هو:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض2
ومن الأمثلة القديمة المشهورة حتى اليوم: "آخر الدواء الكي"، و"آخر الطب الكي"، زعم أنه من أمثلة "لقمان بن عاد". وقد ذكر "الزمخشري" سبب ضرب "لقمان" له، وأورد له كلامًا مع امرأة خانت زوجها، وكلامًا مع زوجها وكيف عرفه فأرشده إلى خيانتها له3. وأورد مثلًا ضرب بكثرة أكل "لقمان"، هو: آكل من لقمان. وكانوا يزعمون أنه كان يتغدى بجزور، ويتعشى بأخرى، ويتخلل بحوار. وأنه ضاجع امرأته يومًا، وقد أكل جزورًا، وأكلت فصيلًا، فما قدر على الإفضاء إليها، فقال: كيف أفضي إليك وبيني وبينك بعيران4.
ويظهر من القصص المنسوب إليه، أنه قد انتزع من قصص قديم، كان معروفًا عند الجاهليين، مرويًّا بينهم. فإذا أعدنا قصته المذكورة مع المرأة، وقد رواها "ابن الكلبي" عن "عوانة"5 نجدها وقد غصت بالأمثلة، وبطريقة الجاهليين في التفسير والتعليل، مما يجعل الإنسان يرى أنها من القصص الجاهلي القديم، الذي احتفظ بمعناه ومضمونه، وإن صيغ بلغة حاكيه.
ورووا لقس بن ساعدة الإيادي، أمثالًا، منها: إذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فاصدق، ولا تستودعن سرك أحدًا، فإنك إن فعلت لم تزل وجلًا، وكان بالجيار، إن جنى عليك كنت أهلًا لذلك، وإن وفى لك كان الممدوح