مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} 1، وكانوا يستعينون في جدلهم بالتوراة، يفسرونها بالعربية للمسلمين2. وقد فسر بعضهم الآية: "ليقولوا دارست"، "بقوله: قرأت على اليهود وقرءوا عيك"، وفسرها بعضهم بذاكرتهم، أو قرأت كتب أهل الكتاب3، فنحن إذن أمام أقدم أخبار تشير إلى ترجمة العهد القديم إلى العربية، ليفهمها العرب المشركون. وقد كان جدال اليهود مع النبي على أمور واردة في التوراة، فلا بد وأنهم كانوا يستعينون بالترجمة في هذا الجدال.
وفي أخبار أهل الأخبار هذه مواضع تثير التساؤل وتوجه الانتباه إلى قضية وقوف أهل الجاهلية وصدر الإسلام على كتب أهل الكتاب، ونقلهم عنها وشرحهم لبعض ما نقلوه باللغة العربية. فقد وقفنا توًّا على ما ورد عن بعض الأحناف من وقوفهم على كتب أهل الكتاب ومن معرفتهم بالعبرانية والسريانية، وقد وقفنا من أخبارهم على أن "عبد الله بن عمرو بن العاص" كان قد قرأ "الكتاب الأول"4.وأنه كان يقرأ بالسريانية5، وأنه استأذن رسول الله في أن يكتب ما سمعه منه، فأذن له، فدوّنه في صحيفة سماها: "الصادقة"6، وروي أنه كان يقرأ الكتابين: التوراة والإنجيل7. وأنه "كان فاضلًا عالمًا قرأ الكتاب واستأذن النبي في أن يكتب حديثه، فأذن له، فكتب عنه حديثه وحفظ عنه ألف مثل8. وروي أنه كان على علم بالمثناة، و"المثناة" "المشنا" في تفسير التوراة، وأنه جمع كتبًا حصل عليها يوم "اليرموك"، وكان له علم بها"9.
وروي أن "عمر" انتسخ كتابًا من كتب أهل الكتاب ووضعه في أديم، وجاء به إلى رسول الله، فقال له: "ما هذا في يدك يا عمر؟ قال: يا رسول الله