فيحفي بسكينه على الراحلة ما يريد تبليغه من سر1. وورد عن "سعيد بن جبير" قوله: "كنت أكتب عند ابن عباس في صحيفتي حتى أملأها، ثم أكتب في ظهر نعلي، ثم أكتب في كفي". وروي أنهم كانوا يكتبون على أكفهم بالقصب عند البراء، وأن "الزهري" ربما كتب الحديث في ظهر نعله مخافة أن يفوته2.
ولفظة: "كتب" التي نستعملها اليوم، ومن أصلها اشتقت لفظة "كتابة" و"كتاب" وكاتب وأمثالها، هي من الألفاظ العربية الشمالية المعروفة المتداولة عند الجاهليين. وقد وردت لفظة "كتاب" بمعانٍ متعددة. منها هذا المعنى المعروف، ومنها الصحيفة مع المكتوب فيها. وقد قصد بها التوراة في مواضع من القرآن الكريم. وأريد بـ"أهل الكتاب" اليهود والنصارى، أهل التوراة والإنجيل3.
وقد استعملت اللحيانية لفظة "كتب" أيضًا، فوردت في عدد الكتابات. وعبرت عن "الكتابة" و"الخط" بلفظة "هكتب"4. والهاء أداة للتعريف عندهم، ويجوز أنهم كانوا ينطقون بها على هذه الصورة: "هكتاب"، أو "هاكتاب"، أي: "الكتاب" و"الكتابة".
ومتى فكر الإنسان في الكتابة تذكر "القراءة". فالكتابة التدوين، والقراءة قراءة الشيء المدوّن. ولهذا يقال: القراءة والكتابة، كما يقال: قارئ كاتب، أي يحسن ويجيد الحالتين. فقد كان البعض يقرءون ولا يكتبون. روي أن "عائشة" كانت تقرأ المصحف، ولا تكتب، وأن "أم سلمة" كانت مثلها تقرأ ولا تكتب5.
ونجد لفظة "كتاب" في شعر عدد من الشعراء الجاهليين. وقد استعمل "عدي بن زيد العبادي" "كتاب الله" في شعره6، ولما كان هذا الشاعر نصرانيًّا،