لدينا فكرة عامة عن فن هندسة المعابد، أخذناها من فحص معابد "حقه" و"مأرب" وتمنع" و"حريضة" و"خور روري". وتقدمت معارفنا أيضًا في موضوع أبنية المقابر والأضرحة عند الجاهليين، وكذلك عن هندسة البيوت. وقد وجد أيضًا أن الفن المعماري قد تأثر بمؤثرات خارجية كذلك: بمؤثرات عراقية وسورية وفينيقية ويونانية ومصرية1.
ويظهر الأثر اليوناني على سك العملة عند العرب الجنوبيين. فقد ضرب النقد على شاكلة النقد اليوناني، لا يختلف عنه إلا في وجود الحروف العربية الجنوبية على ذلك النقد. فالنقد العربي الجنوبي، هو تقليد ومحاكاة للنقد اليوناني، الذي ظهر في أيام "البطالمة" و"السلوقيين"، ويكاد يكون قالبًا لها، أضيفت عليه حروف المسند. فالبومة التي تمثل "أثينا"، والتي كانت تضرب على العملة اليونانية، ضربت على النقد العربي الجنوبي، إلى غير ذلك من أمور بحث عنها علماء "النمّيات".
ولكننا لا نستطيع أن نقول اليوم: إن معارفنا عن الحضارة العربية الجنوبية قد تقدمت تقدمًا مرضيًا، وأنها صارت واضحة مفهومة، وسوف تبقى معارفنا عن هذه الناحية وعن النواحي الأخرى ناقصة ما دامت أكثر الآثار مدفونة تحت طبقات كثيفة من التربة لم تلمسها الأيدي حتى الآن. لقد تقدمت معارفنا عن هذه النواحي على نحو ما ذكرت بسبب قيام بعض الباحثين المحدثين بالتنقيب في بعض المواضع بصورة جدية علمية وبشيء من التعمق في باطن الأرض، ويمكن أن نتصور ما سيحصل عليه الباحثون من معلومات عن الجاهلية لو سمح لهم في التنقيب بأسلوب جدي علمي في باطن الأرض وفي مواطن الآثار.
استعمل اللحيانيون لفظة "بنى" "بنا" للتعبير عن بناء شيء. وذلك كما نفعل نحن في عربيتنا. وتشمل اللفظة بناء كل الأبنية، من بناء بيوت أو قبور أو غير ذلك. وقد وردت في عدد من النصوص2.
ويعبر عن المبنى بالتعبير عن نفسه في العربيات الجنوبية، فيقال "مبنى". وإذا