ويبيعون، فإذا أقبل الموسم أرسلوا قافلتهم إلى السوق برئاسة رجل مشهور معروف بالشجاعة لا يهاب الموت ليوصلها إلى السوق المقصود, أو المكان المراد وصول البضاعة إليه؛ ذلك لأن مجال حكمهم أو نفوذهم لا يصل إلى الأنحاء البعيدة، فاضطروا إلى استئجار الشجعان المعروفين بقيادتهم للقوافل؛ لحماية تجارتهم وأموالهم من اعتداءات المعتدين.

وتعتمد القوافل على الأدلاء الخبراء بطرق البوادي؛ لإيصالها إلى أهدافها بأمن وسلام وبأقصر الطرق، ولتجنيبها أخطار الأعداء وشر قطاع الطرق، عند شعورها بوجود خطر عليها إذا ما سلكت الطريق العام، أو طريقها الذي قررت السير به نحو المكان الذي تريده. فلما أبلغ جواسيس "أبي سفيان" أن النبي قد خرج يترصده نحو "بدر"، أسرع فاستعان بالأدلاء فانحاز عن بدر، وساحل, وتخلص بعلم أدلائه وعلمه بالطرق من وقوعه ووقوع قافلته بأيدي المسلمين. وإلى الدليل والأدلاء أُشير في قول الشاعر:

شدوا المطيَّ على دليل دائب ... من أهل كاظمة بسيف الأبحُر1

وقد استعان قادة الجيش وأمراء السريا والغارات بالأدلاء أيضا؛ لإرشادهم إلى المواضع التي كانوا يقصدونها. وكان الرسول يستعين بالأدلاء، ويسأل الخبراء أصحاب العلم بطرق البادية حين يغزو، أو حين يرسل سراياه على قوم, وفي غزوة "بئر معونة" كان "المطلب السلمي" دليلها على الطريق2.

ويذكر أهل الأخبار, أن "قريش بن بدر بن يخلد بن النضر" كان دليل "بني كنانة" في تجارتهم، فكان يقال: "قدمت عير قريش"، فسميت قريش بذلك, وأبوه "بدر" صاحب "بدر" الموضع الذي لقي فيه رسول الله قريشًا3. فقريش بن بدر, إذن هو على هذه الرواية، هو أول دليل يصل إلينا خبره من أدلاء قوافل قريش، وهو مؤسس تجارتها.

ولا بد للقوافل من منازل تنزل بها لتستريح ولتريح دوابها من التعب ولتتموَّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015