وعاسشت على المراعي الخضراء وعند مشارف الحضارة، وشاركت الحضر في بيوتهم، فهي من أموال العرب في الغالب، أي الحضر والرعاة الملازمين للمراعي المتصلة بمشارف الحضارة.

ودولة الحيوان في جزيرة العرب دولة صغيرة، إذا قيست بما يجب أن تكون عليه بالنسبة إلى المساحة السطحية. وسبب صغرها أن المراعي الغنية بالعلف اللازمة لتربية الحيوان ولإكثار نسله، لم تكن متوفرة عند أهل الجاهلية، وأن أصحاب الماشية كانوا عالة على الطبيعة، لعسر أحوالهم وعدم تمكنهم من الأنفاق على الماشية وتهيئة العلف الصحي اللازم لنمو الحيوان ولإكثار نسله، ثم إن الأحوال الاقتصادية لم تكن حسنة وعلى ما يرام، بل كانت منخفضة، وهذا ما حد من الاستهلاك المحلي، وحد من عدد الذين كانوا يمتهنون حرفة تربية المواشي، إلى أسباب أخرى لا مجال للبحث عنها في هذا المكان.

والعدد العام لسكان جزيرة العرب، في الجاهلية وحتى الآن هو قليل بالنسبة إلى ما يجب أن يكون عليه إذا قسنا العدد بعدد الأميال المربعة التي تكون المساحة السطحية لبلاد العرب. وسبب ذلك أن المسكون المعمور منها، قليل بالنسبة إلى المهجور القفر، والبوادي فيها أوسع وأكثر من الأرضين الصالحة للزرع وللرعي وللسكن وإن الموارد المعاشية التي تعيش الإنسان وحيوانه، لا تكفي في معظم أنحاء جزيرة العرب لاعاشة المجتمعات الكثيفة المكتظة، والمستوطنات الضخمة. فالحسي أو العيون أو الآبار أو البرك، أو ما أشبهها من موارد ماء، لا يمكن أن تستضيف مجتمعًا كبيرًا مع توابعه من المواشي، وهي لا تتمكن أيضًا من توفير الماء اللازم لزرع كثيف، ولتهيئة كلأ تعلفه المواشي، لذلك صار حجم مستوطناتهم يتناسب مع حجم الماء المتوفر فيها، وانتاجها انتاج محدود، هو حاصل زراعي في الغالب، يختلف قلة وكثرة باختلاف حجم المساحات المزروعة، أي سعة الماء الموجود في المستوطنة.

وفي هذه المستوطنات وفي الأرياف والقرى، نجد الملكية الفردية، بصورة متباينة ملكية دور ثابتة، وملكية مزارع وآبار، فالذي يحضر بئرًا وينفق من ماله على حفرها تكون البئر بئره، في إمكانه بيع الماء منها للمحتاج إليه، وفي إمكانه الزرع عليها، فيكون الزرع زرعه بالطبع، وله بيع حاصله من ثمر أو خضر، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015