ويقال للسنة وللأرض التي لم يصبها المطر، "الجماد"، وسنة جامدة لا كلأ فيها ولا خصب ولا مطر. وأرض جماد، يابسة لم يصبها مطر ولا شيء فيها1. وهي من السنين الحرجة في حياة العرب، المؤذية المهلكة للأنفس وللمال. ويقال للمحل "الجدب". والجدب نقيض الحصب2. و"المحل" الجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ، وتعد أيام المحل من شر الأيام، يقال: "زمان ماحل"، و"مكان ماحل"، و"بلد ماحل"، و"أرض محل"، وأرض محلة ومحول، يريدون بالمحل الشدة والجوع الشديد وإن لم يكن جدب، على سبيل المجاز

؛ لأن المحل الجدب ويبس الأرض وانقطاع المطر، فتشتد حالة الناس، ويطهر الجوع ويعيش الناس في ضنك شديد3.

ويقال لمثل هذه السنين الشديدة، التي تجف فيها المراعي، ويصاب الناس فيها بأزمة شديدة، سنة جرداء، وسنة الجمود لجمود الرياح فيها وانقطاع الأمطار وذهاب الماشية وهزالها وثبات الغلاء، ويقال لها الحطمة والأزمة واللزبة والمجاعة والرمد، وكحل والقصر والشدة والحاجر، وما شاكل ذلك من ألفاظ فيها معاني الشدة والفقر والجوع4.

وكان منهم من يتصور أن نجوم الشتاء هي سبب نزول الغيث، ولذلك كانوا إذا لم يمطروا، وانحبست السماء عندهم يقولون: "أحجرت النجوم". قال الراجز:

إذا الشتاء أجحرت نجومه ... واشتد في غير ثرى أزومه

ومن المجاز أجحر القوم، إذا دخلوا في القحط. والجحرمة الضيق5. ولبس أشد على العرب وأضيق في انحباس المطر عنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015