وكانت الجاهلية تتحالف وتحلف عنده1. ويقال للجهة التي فيها الحجر الأسود "الركن". وذكر أن العرب في الجاهلية كانت تطرح بموضع الحطيم ما طاقت به من الثياب، فيبقى حتى يتحطم بطول الزمان، فسمي الموضع حطيمًا2.

وقد كانت الجاهلية تتحالف عند "الملتزم" بالأيمان، وتدعو على الظالم، وتعقد الحلف3.

وذكر "اليعقوبي" أن الجاهليين كانوا قد وضعوا "إسافًا" و"نائلة"، داخل المسجد الحرام. وضعوا كل واحد منهما على ركن من أركان البيت، فكان الطائف إذا طاف بدأ بإساف فقبله وختم به. وذكر أنهم نصبوا على الصفا صنمًا، يقال له "مجاور الريح"، وعلى المروة صنمًا يقال له "مطعم الطير"4.

وفي روايات أهل الأخبار عن تزويق الكعبة بالصور لبس وغموض: وهي روايات عديدة، يفهم من بعضها أن هذه الصور كانت بالزيت، رسمت على دعائم السقف. ويفهم من بعض آخر أنها كانت قد رسمت على أشياء متنقلة، وأنها كانت معلقة على جدران البيت. ويفهم من بعض الروايات أن الرسول أمر فطمست معالم جميع الصور، ويفهم من بعض آخر، أنه استثنى منها صورة مريم وابنها عيسى، وأنها بقيت كما ذكرت إلى أيام عبد الله بن الزبير. فلما تهدم البيت: تهدمت الصورة معه. أما رسم شجر أو صور ملائكة أو أشباه ذلك في الكعبة، فأمر لا اعتراض عليه، إذ يجوز أن يكون ذلك في معبد وثني، يضم الأصنام. ولكن ما للوثنية والأنبياء، وما شأن الشرك بمريم وبابنها وببقية الرسل حتى ترسم صورهم على جدران أو أعمدة البيت؟ ثم هل كانت الكعبة مزوقة قبل هذا التزويق بالرسوم والصور؟ وهل كانت هذه الصور من بقايا صور قديمة؟ أم هي صور حديثة رسمت بعد أن أعادت قريش بناء البيت؟ ورأيي أن هذه الصور هي من عمل عمال نصارى أراهم الروم الذين جلبهم أهل مكة مع "باقوم" بعد تحطم سفينتهم عند الساحل للاتجار معهم ولبناء الكعبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015