بـ"أم القرى"1.
ولعلماء اللغة بعد، تفاسير عديدة لمعنى "مكة"2, يظهر من غربلتها أنها من هذا النوع المألوف الوارد عنهم في تفسير الأسماء القديمة التي ليس لهم علم بها، فلجئوا من ثم إلى هذا التفسير والتأويل. ولا أستبعد وجود صلة بين لفظة مكة ولفظة "مكربة" التي عرفنا معناها, ولا أستبعد أن يكون سكان مكة القدامى هم من أصل يماني في القديم، فقد أسس أهل اليمن مستوطنات على الطريق الممتد من اليمن إلى أعالي الحجاز، حيث حكموا أعالي الحجاز وذلك قبل الميلاد. وقد سبق أن تحدثت عن ذلك في الجزء الثاني من هذا الكتاب، فلا يستبعد أن تكون مكة إحداها، ثم انضم إليهم العرب العدنانيون، ولأهل الأخبار روايات تؤيد هذا الرأي.
وقد ذهب "دوزي" إلى أن تأريخ مكة يرتقي إلى أيام "داود" ففي أيامه -على رأيه- أنشأ "الشمعونيون" "السمعونيون" الكعبة, وهو "بنو جرهم" عند أهل الأخبار3. وهو يخالف بذلك رأي "كيين" "GIرضي الله عنهرضي الله عنهON"، ورأي جماعة من المستشرقين رأت أن مكة لم تعرف ولم تشتهر إلا في القرن الأول قبل الميلاد، مستدلة على ذلك بما ورد في تأريخ "ديودورس الصقلي" من وجود معبد ذكر عنه أنه كان محجة لجميع العرب، وأن الناس كانوا يحجون إليه من أماكن مختلفة. ولم يذكر "ديودورس" اسم المعبد، ولكن هذه الجماعة من المستشرقين رأت أن هذا الوصف ينطبق على الكعبة كل الانطباق، وأن "ديودورس" قصدها بالذات4.
وقد ذكر بعض أهل الأخبار أن "العماليق" كانوا قد انتشروا في البلاد، فسكنوا مكة والمدينة والحجاز، وعتوا عتوًّا كبيرًا، فبعث إليهم موسى جندًا