"يسطنيانوس" "justinianus" "الحارث" هذا اللقب، وكذلك لقب "فيلارخ" فكان بذلك أول رجل من الغساسنة يمنح هذين اللقبين الذين انتقلا منه إلى أبنائه فيما بعد1.

ويلاحظ أن نص أبرهة الذي ذكر في جملة ما ذكره أن الحارث بن جبلة أرسل رسولًا عنه إلى مدينة مأرب ليهنئه بترميمه سد مأرب، لم يدون كلمة "ملك" مع اسم الحارث، ولكن ذكر "ورسل حرثم بن جبلت"، أي: "ورسول الحارث بن جبلة"2. فلم يلقبه بلقب "ملك"، ويدل عدم إطلاق أبرهة لقب ملك على الحارث على أنه اتبع الأصول الدبلوماسية المقررة عند البيزنطيين وإن لقب ملك لم يكن لقبًا رسميًّا له مقررًا دوليًّا. وقد كان وصول رسول الحارث أو رسله في سنة "542م".

ويتبين من رواية المؤرخين بروكوبيوس وملالا أن الحارث بن جبلة كان قد اشترك في المعركة التي نشبت بين الفرس والروم في 19 نيسان سنة "531م"، وانتهت باندحار الروم، وكان قائدهم "بليزاريوس"3. وذكر أن الفرس أسروا رجلًا اسمه "عمرو" "amros" وكان حائزًا على درجة "قائد"4 "dux".

وقد أثار تصرف الحارث في الحرب التي نشبت في سنة "541م" بين الفرس والروم، شبك الروم في إخلاصه لهم، والحذر منه، إذ ما كان يعبر هذا الأمير نهر دجلة مع القائد بليزاريوس حتى بدا له فرجع إلى مواضعه بعد أن سلك طريقًا آخر غير الطريق الذي اتبعه معظم الجيش دون أن يقوم بعمل يذكر في هذه الحرب5. وهذا مما حمل الروم على الشك في صداقته لهم. وجعلهم يحذرون منه ويراقبون حركاته؛ خوفًا من انقلابه عليهم وإلحاقه الأذى بهم وإتفاقه سرًّا مع الفرس.

وقد عاد النزاع فتجدد بين الحارث والمنذر حوالي سنة "544م"، وانتهى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015