كانت في سنة "529 م"1.
وقد بلغ المنذر في هجومه على بلاد الشأم أسوار "أنطاكية"، ولكنه تراجع بسرعة حينما سمع بمجيء قوات كبيرة من قوات الروم، تراجع بسرعة أعجزت الروم عن اللحاق به2. ويشك نولدكه في رواية بروكوبيوس بشأن منح الحارث لقب ملك، ذلك لأن لقب ملك كان خاصًّا بقياصرة الروم، فلا يمنح لغيرهم3.
ويلاحظ أن بعض كتبة اليونان أطلقوا أيضًا لقب ملك على الأمراء العرب، مثل "ماوية"، فقد لقبت بـ"ملكة". ولم يستعملوا كلمة "فيلارخوس" "phylarkos" "phylarque" "phylarcos" التي تعني العامل أو سيد قبيلة.
وأما الكتبة السريان، فقد لقبوا رؤساء القبائل العربية بلقب "ملك" في بعض الأحيان على نحو ما نجده في الشعر العربي4. ولكن نولدكه يرى أن هذا الاستعمال لا يمكن أن يكون سندًا لإثبات أن الروم أطلقوا لقب ملك على الحارث أو على خلفائه رسميًّا؛ لأن الوثائق الرسمية لم تطلق هذا اللقب عليهم.
والذي صح إطلاقه من الألقاب على أمراء الغساسنة، وثبت وجوده في الوثائق الرسمية، هو لقب "بطريق" "patricius"، ولقب "عامل" أو سيد قبيلة "فيلارخوس" "phylarchus" "phylarkos" "phylarcos" مقرونًا بنعت من النعوت التابعة له، أو مجردًا منه، كالذي جاء عن المنذر الذي حكم بعد الحارث بن جبلة البطريق الفائق المديح، ورئيس القبيلة "فلارخوس المنذر"، و"المنذر البطريق الفائق المديح" وما ورد عن الحارث "الحارث البطريق ورئيس القبيلة"5.
ولقب "البطريق" من ألقاب الشرف الفخمة عند الروم، ولذلك فلم يكن يمنح إلا لعدد قليل من الخاصة، ولصاحبه امتيازات ومنزلة في الدولة حتى إن بعض الملوك كانوا يحبذون الحصول على هذا اللقب من القيصر6. وقد منح القيصر