يروي الأخباريون عنه شيء ذو بال، إلا ما ذكروه عن كيفية مقتله ونهايته، وهذا ملخصه:

لما هلك الحارث بن عمرو تشتت أمر أولاده، وتفرقت كلمتهم، ومشت الرجال بينهم، وتفاقم أمرهم حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه الجموع وزحف إليه بالجيوش. وقد بلغت العداوة أشدها بين "شرحبيل" وسلمة، بسبب المنذر الذي عاد إلى الحيرة وأخذ يشعل نار الفتنة بين الأخوين. فسار شرحبيل ببكر بن وائل ومن معه من قبائل حنظلة ومن أسيد بن عمرو بن تميم وطوائف من بني عمرو بن تميم والرباب، فنزلت "الكلاب"، وهو ماء بين الكوفة والبصرة على بضع عشرة ليلة من اليمامة، وأقبل "سلمة" في بني تغلب وبهراء والنمر وأحلافها وسعد بن زيد مناة بن تميم ومن كان معهم من قبائل حنظلة وفي الصنائع يريدون الكلاب. وكان نصحاء شرحبيل وسلمة نهوهما عن الفساد والتحاسد، وحذروهما الحرب وعبراتها وسوء مغبتها، فلم يقبلا، ولم يتزحزحا، وأبيا إلا التتابع. فلما تلاقى الجمعان، اقتتلا قتالًا شديدًا. ثم خذلت بنو حنظلة وعمرو بن تميم والرباب بكر بن وائل، وانصرفت وثبتت بكر بن وائل، وانصرفت بنو سعد وألفافها عن بني تغلب، وصبرت تغلب، وساء أمر شرحبيل، فجاء إليه من عرف موضعه وقتله1.

ويذكر أهل الأخبار أن العداوة كانت شديدة بين الأخوين، حتى إن كل واحد منهما وضع جائزة لمن يأتي برأس أخيه، فذهب "أبو حنش" وهو عصم بن النعمان بن مالك "عصيم بن مالك الجشمي"، فطعن "شرحبيل"، واحتز رأسه وجاء به إلى أخيه، فطرحه أمامه. ويقال إن شرحبيل لما رأى "أبا حنش" يريد توجيه طعنة إليه قال له: يا أبا حنش اللبن اللبن، فقال أبو حنش: قد هرقت لنا لبنًا كثيرًا. فقال: يا أبا حنش أملك بسوقة2. وذلك أن دم الملوك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015