ابنته هندًا. ففرق الحارث بن عمرو بنيه في قبائل العرب، فصار شرحبيل بن الحارث في بكر بن وائل وحنظلة بن مالك وبني زيد بن تميم وبني أسد وطوائف من بني عمرو بن تميم والرباب، وصار غلفاء وهو معديكرب في قيس، وصار سلمة بن الحارث في بني تغلب والنمر بن قاسط وسعد بن زيد مناة بن تميم ... ومع معديكرب الصنائع، وهم الذين يقال لهم بنو رقية أم لهم ينسبون إليها. وكانوا يكونون مع الملوك من شذاذ الناس. فلما هلك أبوهم الحارث بن عمرو تشتت أمرهم وتفرقت كلمتهم، ومشت الرجال بيينهم، وكانت المغاورة بين الأحياء الذين معهم، وتفاقم أمرهم حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه الجموع وزحف إليه بالجيوش ... "1.
ولابن الكلبي رواية أخرى دونها الطبري، هذا نصها: "لما لقي الحارث بن عمرو بن حجر بن عدي الكندي النعمان الأكبر، وملك الحارث بن عمرو الكندي ما كان يملك بعث قباذ بن فيروز ملك فارس إلى الحارث بن عمرو الكندي أنه قد كان بيننا وبين الملك الذي قد كان قبلك عهد، وأني أحب أن ألقاك.
وكان قباذ زنديقًا يظهر الخير ويكره الدماء، ويداري أعداءه فيما يكره من سفك الدماء، وكثرت الأهواء في زمانه واستضعفه الناس. فخرج إليه الحارث بن عمرو الكندي في عدد وعدة حتى التقوا بقنطرة الغيوم ... فلما رأي الحارث ما عليه قباذ من الضعف، طمع في السواد، فأمر أصحابه مسالحه أن يقطعوا الفرات؛ فيغيروا في السواد، فأتى قباذ الصريخ وهو بالمدائن فقال: هذا من تحت كنف ملكهم. ثم أرسل إلى الحارث بن عمرو أن لصوصًا من لصوص العرب قد أغاروا، وأنه يجب لقاءه، فلقيه. فقال له قباذ: لقد صنعت صنيعًا ما صنعه أحد من قبلك. فقال له الحارث: ما فعلت ولا شعرت، ولكنها لصوص من لصوص العرب، ولا أستطيع ضبط العرب إلا بالمال والجنود. قال له قباذ: فما الذي تريد؟ قال: أريد أن تطعمني من السواد ما أتخذ به سلاحًا. فأمر له بما يلي جانب العرب من أسفل الفرات، وهي ستة طساسيح، فأرسل الحارث بن عمرو الكندي إلى تبع وهو باليمن: إني قد طمعت في ملك الأعاجم، وقد أخذت منه ستة طساسيح،