"المنذر" من دار مملكته بالحيرة ومضى حتى نزل إلى "الجرساء الكلبي" وأقام عنده إلى أن تغير الحال بوفاة قباذ، وتبدل سياسة الحكومة بتولي "كسرى أنو شروان" الملك فعاد إلى ملكه وقهر الحارث وتغلب عليه واستعاد ما اغتصب منه1.

وذكر "حمزة" أن سبب لجوء "بكر بن وائل" إلى الحارث، وخضوعها لحكمه واشتراكها معه في مهاجمة "آل لخم" وانتزاع الحكم منهم، هو أن "امرأ القيس البدء" كان يغزو قبائل "ربيعة"، فينكي فيهم، ومنهم أصاب "ماء السماء"، وكانت تحت "أبي حوط الخطائر" فثارت به "بكر بن وائل" فهزموا رجاله، وأسروه، وكان الذي ولي أسره "سلمة بن مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان"، فأخذ منه الفداء وأطلقه، فبقيت تلك العداوة في نفوس "بكر بن وائل" إلى أن وهن أمر الملك "قباذ"، فعندها أرسلت بكر إلى الحارث بن عمرو فملكوه، وحشدوا له، ونهضوا معه حتى أخذ الملك ودانت له العرب2.

وبهذه الكيفية شرح "حمزة" كيفية تولي "الحارث" عرش الحيرة، وسبب بغض "بكر بن وائل" لآل لخم، بغضًا دعاها إلى تنصيب "الحارث" ملكًا عليها، وعلى الانتقام من آل لخم.

ولابن الكلبي رواية عن كيفية تولي الحارث ملك الحيرة، ذكر "أن قباذ ملك فارس له ملك كان ضعيف الملك، فوثبت ربيعة على النعمان الأكبر أبي المنذر الأكبر ذي القرنين، وإنما سمي ذا القرنين لضفرين كانا له، فهو ذو القرنين بن النعمان بن الشقيقة. فأخرجوه، فخرج هاربًا حتى مات في إياد، وترك ابنه المنذر فيهم، وكان أرجى ولده عنده، فتنطلق ربيعة إلى كندة، وكان الناس في الزمن الأول يقولون إن كندة من ربيعة، فجاءوا بالحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي، فملكوه على بكر بن وائل، وحشدوا له، وقاتلوا معه، فظهر على ما كانت العرب تسكن من أرض العراق، وأبى قباذ أن يمد المنذر بجيش. فلما رأى ذلك المنذر، كتب إلى الحارث بن عمرو: إني في غير قومي، وأنت أحق من ضمني واكتنفني، وأنا متحول إليك. فحوله إليه، وزوجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015