وأرى أن "دادويه الفارسي" الذي ذكر "حمزة الأصفهاني" أنه كان قد ملك الحيرة، هو "زادويه" المذكور، وأن النساخ قد أخطأوا في كتابة الاسم فصيروه على هذه الصورة، أو أن "حمزة" نفسه قد أخطأ في التسمية، أو هو نقلها من كتابين مختلفين أو من مصدر واحد كتبهما بصورتين، فشايعه حمزة ولم ينتبه إلى أنه صير الاسم الواحد اسمين.

وذكر بعض أهل الأخبار أن الذي حكم بعد "آزاذبه" هو "المنذر بن النعمان بن المنذر" المعروف بـ "الغرور" أو "المغرور"، وهو المقتول بالبحرين يوم جواثا"1، "فكان ملكه وملك غيره إلى أن قدم خالد بن الوليد الحيرة ثمانية أشهر"2. وهو كلام مشكوك فيه ففي الأخبار أن المنذر لم يحكم الحيرة، وإنما حكم البحرين في أثناء الردة، وذلك بأن ربيعة حينما ارتدت عن الإسلام قالت: نرد الملك في المنذر بن النعمان بن المنذر. فلما حارب المسلمون المرتدين، منوا بهزيمة منكرة، وسقط المنذر أسيرًا في أيدي المسلمين، ويقال إنه أسلم على أثر ذلك، وسمى نفسه "المغرور" بدلًا من "الغرور". وهو اللقب الذي كان يعرف به قبل إسلامه3.

ويظهر أن النصرانية كانت هي المتفشية في البحرين وفي بني عبد القيس، وقد كان المنذر الغرور مع المرتدين، الذين تركوا الإسلام وعادوا إلى النصرانية بعد دخولهم في الإسلام4.

وقد ذكر "الطبري" في حديثه عن يوم المقر وفم فرات بادقلي: أن الذي كان يلي أمر الحيرة هو "الآزاذبه"، وقال فيه: "كان مرزبان الحيرة أزمان كسرى إلى ذلك اليوم"5. وقد كان من أشراف الفرس وسادتهم، وذكر أيضًا: أن قيمة قلنسوته خمسون ألفًا، وقيمة القلنسوة عند الفرس تدل على مكانة صاحبها وشأنه عند الساسانيين. وأنه لما سمع بدنو "خالد بن الوليد" من الحيرة تهيأ لحربه، وقدم ابنه، ثم خرج في أثره حتى عسكر خارجًا من الحيرة، وأمر ابنه بسد الفرات، ولكن خالدًا فاجأه وأصاب جيشه فلما بلغ أباه خبر ما حل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015