أفي كل عام سيد يفقدونه ... تحكك من وجد عليه الكلاكل

ثم يكون العقل منكم صحيفة ... كما علقت على السليم الجلاجل

وقد قال "ابن قتيبة الدينوري" في تفسيره: "كان كسرى أرسل إلى مال إياس ليأخذه فنفرت عن ذلك طيء، وقد أراد أن يبطش بأناس منهم. فلما رأى ذلك كسرى، كتب لهم كتابًا في أمان، فقال زيد شعرًا، هذان البيتان فيه، يحض قومه، وينهاهم أن يقبلوا كتابه، أو يطمئنوا إلى قوله"1. وليس في هذا الشرح كما نرى تفسيرًا للسبب الذي دفع كسرى إلى المطالبة بمال إياس. هل كان ذلك بسبب اختلافه معه، أو بسبب آخر، ولا يعقل أن تكون هذه المطالبة في حالة صلح وعلاقات طيبة بين الجهتين، بل لا بد أن تكون عن ظروف سيئة لم يتطرق لها "ابن قتيبة".

وعندي أن هذه الحادثة إن صحت روايتها، وجب أن تكون قد وقعت بعد موت "إياس"، وتركه ثروة وأملاكًا طائلة، فأراد الفرس الاستحواذ عليها، وأخذ ما جمعه من مال، فحدث ما حدث.

وذكر الأخباريون بعد "إياس" رجلًا فارسيًّا قالوا أنه هو الذي حكم "الحيرة" وملكها في زمن "أبرويز"، وفي زمن شيرويه بن أبرويز، وفي زمن أردشير ابن شيرويه، وفي زمن بوران بنت أبرويز، وذكروا أن مدة حكمه سبع عشرة سنة أو أقل من ذلك. وسموا هذا الرجل "أزادبه بن ماهيبيان بن مهرا بنداد"2. أو "أزاذبه بن يابيان بن مهر بنداذ الهمذاني"3، أو "آزادبه بن ماهان بن مهر بنداد الهمذاني" أو "زادويه الفارسي". حكم سبع عشرة سنة، من ذلك في زمن كسرى بن هرمز أربع عشرة سنة وثمانية أشهر، وفي زمن شيرويه بن كسرى ثمانية أشهر، وفي زمن أردشير بن شيرويه سنة وسبعة أشهر، وفي زمن بوران دخت بنت كسرى شهرًا4. ولكنهم لم يذكروا من أمره شيئًا، فلا نعرف من أعماله أي شيء مع طول مدة حكمه إن صحت رواية الأخباريين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015