به، هرب من غير قتال، وكان عسكره بين الغريين والقصر الأبيض، وتمكن بذلك خالد بن الوليد من فتح الحيرة1.

فيفهم من حديث الطبري عن فتح الحيرة أن المنذر بن النعمان لم يكن قد ولي حكمها، وأن ما ذكره من تولية الحكم ثمانية أشهر، يناقض ما ذكره هو فيما بعد عن فتح الحيرة وبقية أرض العراق ويخالف كذلك ما ورد في بقية كتب أهل الأخبار عن فتوح العراق.

وكان ملوك الحيرة مثل غيرهم من الملوك، كالغساسنة والساسانيين والروم، يتراسلون مع القبائل وعمالهم بالبريد. وكانت برد ملوك العرب في الجاهلية الخيل2. تنطلق في مراحل، فإذا بلغ البريد المرحلة المعينة استراح، وتولى البريد الثاني نقل الرسائل إلى المكان المقصود ... وبذلك تتم المراسلات.

ومن الأسر المعروفة في الحيرة، العدسيون، وهم من "كليب"، وقد نسبوا إلى أمهم على ما يذكره أهل الأخبار.

ومن سادات الحيرة وأشرافها "بنو الأوس بن قلام بن بطين بن جمهير "جمهر" بن لحيان"، وكان منهم "جابر بن شمعون" الأسقف من أساقفة الحيرة المعروفين، وهو صاحب القصر الأبيض بالحيرة3.

وقد اشتهرت الحيرة بسوقها، إذ كان الأعراب وتجار جزيرة العرب يقصدون السوق لبيع تجارتهم وشراء ما فيها من سلع نفيسة مطلوبة في بلاد العرب. وقد اشتهرت بنوع خاص من السيوف، قيل لها "السيوف الحاربة"، كما عرفت بصناعة الأنماط4.

واشتهرت الحيرة بقصرها المعروف بـ "الخورنق". وهو قصر يقع على ثلاثة أميال منها، ويقال إنه بني على نهر: بناه للنعمان المعروف بالأعور بناء رومي اسمه "سنمار" في عشرين سنة. وقد لقي البناء مصرعه بسبب هذا القصر، في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015