جزاني لا جزاه الله خيرًا ... سليمة إنه شرًّا جزاني
أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني
فلما قال هذين البيتين فاظ أي مات، وهرب سليمة هرب إلى عمان1.
وحكم بعد "مالك بن فهم" أخوه" عمرو بن فهم" على رواية2، و"جذيمة الأبرش" المعروف بجذيمة الوضاح أيضًا على رواية أخرى, ولا نعرف من أمر "عمرو" هذا شيئًا يستحق الذكر.
وتزعم رواية أن الذي حكم بعد "مالك بن فهم" هو "جذيمة الأبرش"، وقد جعلته ابنًا لمالك، وجعلت نسبه على هذه الصورة: "جذيمة بن مالك بن فهم ابن غانم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن الغوث". وقالت: إن والده "مالك هو أول من ملك الضاحية في حكم ملوك الطوائف3.
أما حظ جذيمة الأبرش، فهو خير من حظ الرجلين السابقين عند الأخباريين، فله في رواياتهم شعر وحديث. وقد تحدثوا عنه، ونسبوا إليه الغزوات، وجاد عليه بعض الرواة فرفعوا زمانه وجعلوه في العاربة الأولى. جعلوه من بني "وبار ابن أميم بن لوذ بن سام بن نوح"، وصيروه "من أفضل ملوك العرب رأيًا، وأبعدهم مغارًا، وأشدهم نكاية، وأظهرهم حزمًا. وأول من استجمع له الملك بأرض العراق، وضم إليه العرب، وغزا بالجيوش"4، وذكر "المسعودي" أنه أول من ملك الحيرة5.
وقد وصفوه أيضًا، فقالوا: إنه "كان به برص، فكنت العرب عنه، وهابت العرب أن تسميه به، وتنسبه إليه، إعظامًا له. فقيل: جذيمة الوضاح وجذيمة الأبرش"6. وذكر "المسعودي" أن جذيمة هو صاحب النديمين اللذين