السير للاستراحة في معسكر إقامته. وفيما كان الجنود ينعمون بنومهم، هاجمهم النبط وأعملوا فيهم السيوف، فلم ينج من رجال الحملة إلا خمسون فارسًا هربوا بسلام بعد أن أثخن أكثرهم بالجراح. وكان ذلك كما يزعم "ديودورس" بسبب تهاون رجال الحملة بأمر الحراسة وعدم تصورهم ملاحقة النبط لهم، وتمكنهم من الوصول إلى هذا الموضع في خلال يومين أو ثلاث1.
وذكر "ديودورس" أن اليونان تخيروا الوقت المناسب حينما باغتوا "الصخرة" فقد كان من عادة أهلها الذهاب إلى أسواق مجاوريهم للامتيار ولمبادلة سلعهم بسلع يحتاجون إليها من جيرانهم، تاركين في صخرتهم أموالهم ونساءهم وأطفاهلم وعجزتهم وشيوخهم. ولم تكن الصخرة من حصانتها، مسورة، فانتهز رجال الحملة هذه الفرصة، وباغتوا الحصن على نحو ما ذكرت. فلما بلغ الخبر النبط، تركوا السوق وتراكضوا إلى الصخرة، وأسرعوا يتعقبون أثر اليونان حتى أدركوهم في ذلك الموضع، فانتقموا منهم شر انتقام، وعلموهم درسًا لا ينسى ولا شك في وجوب اتخاذ الحذر والحيطة وتقدير كل أمر حق قدره مهما صغر وتفه، وقد تأتي التوافه بنتائج لا تأتي من عظائم الأمور. أما تأريخ إرسال هذه الحملة، فكان في سنة "312" قبل الميلاد2.
وبعد انتقام النبط ممن حاول استرقاقهم، عادوا إلى الصخرة راضين مطمئنين، فنظموا أمورهم، ثم كتبوا إلى الملك "انطيغونس" كتابًا كتب بالأبجدية السريانية يلومون فيه "أثينيوس" "صلى الله عليه وسلمthenaeus" على ما فعل بهم، ويعتذرون فيه عما بدر منهم، ويحملون صاحبه وزر صنعه. وقد أجابهم الملك بأن ما حدث لم يكن بعلمه ورضاه، وأن قائده عمل برأيه فخالف أمره، ولذلك فهو يحمله وزره، ويرجوا أن تتحسن العلاقات فيما بينهم وبينه، وأن ينسى ما حدث، وكان غرضه من هذا الكلام التأثير عليهم، وجلبهم إليه ولو إلى حين حتى يرى أمره، فإن أبوا ضرب ضربته. ونال ما أراد.
وبعد مدة هيأ قوة قوامها أربعة آلاف مسلح من المشاة، وأربعة آلاف من الفرسان جعل قيادتها تحت إمرة ابنه "ديمتريوس" "عز وجلemetrius"، للانتقام