فيها، واتخذوا فيها مخازن لخزن الأسلحة والأطعمة, وحفروا فيها آبارًا، وصنعوا "كهاريز" تخزن الماء. ولما ظهرت جيوش الإسلام لفتح العراق، كان على هذه المسالح إخبار "طيسفون" بما حدث، والوقوف أمام تلك الجيوش، حتى تجيء جيوشهم فتلتحم بالمسلمين.

وفي جزر البحرين قنوات يظن أنها من عمل الساسانيين، أقاموها للاستفادة من المياه المتدفقة من العيون، وهي أخاديد حفرت في الأرض ثم بطنت بمادة تمنع الماء من التسرب إلى التربة ثم سقفت بصفائح من الحجر، أُهِيلَ عليها التراب لتمنع أشعة الشمس من الوصول إلى الماء فتبخره، وبذلك تقل كمياته. وبين مسافة وأخرى تقدر ما بين عشر وعشرين ياردة توجد منافذ لمرور الهواء منها إلى باطن القناة, وقد بطنت هذه المنافذ بالحجارة، وقد أقيمت جدر عند مخارجها إلى الأرض لتحميها من سقوط الأتربة فيها, ولا تزال بعضها عامرة تجري فيها مياه العيون حتى الآن. وهناك آثار قنوات مشابهة لها تقع في السواحل المقابلة للبحرين من المملكة العربية السعودية تعود إلى هذا العهد أيضا1.

وقد كانت البحرين تخضع لحكم الساسانيين عند ظهور الإسلام، أما حاكمها الفعلي فهو رجل من العرب على دين النصرانية، وعلى مذهب النساطرة. وكان للنساطرة عدة أساقفة في مواضع من الخليج، كما كانت لليهودية وللمجوسية مواضع في بلدان الخليج أيضا, أما غالبية العرب، فعلى الوثنية2.

وقد كانت "الأبُلَّة" من أهم المواضع المهمة في نظر الساسانيين من الوجهة الحربية، وكانت تعد عندهم "فرج أهل السند والهند"3. وكان "فرج الهند" أعظم فروج فارس شأنًا، وصاحبه يحارب العرب في البر، والهند في البحر4, وقد وضعوا هذا الفرج تحت إمرة قواد عسكريين. ولما سمعوا بمجيء خالد بن الوليد من اليمامة، أسرع كسرى فأمر قواده بالاتجاه إلى "الكواظم" وإلى "الحفير" لمقابلته. وقد التقى به "هرمز" بكاظمة، وكان جبارًا، كل العرب عليه مغيظ، وقد كانوا ضربوه مثلًا في الخبث، حتى قالوا: "أخبث من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015