وفي أيام "كسرى أنو شروان"، طرد الأحباش من اليمن، إذ أرسل إليها نجدة بقيادة "وهرز"، وبذلك دخل الفرس اليمن، وصاروا على مقربة من الحبش حلفاء الروم. وقد لاقت السياسة البيزنطية بذلك ضربة شديدة عنيفة؛ لأن الفرس بدخولهم اليمن صار في إمكانهم الضغط على التجارة البحرية للروم، وصار في إمكانهم الهيمنة على منفذ البحر الأحمر، البحر الذي تلج منه سفن الروم إلى المحيط الهندي وبالعكس، كما صار في إمكان الفرس الاتصال بعرب الحجاز وعقد اتفاقيات تجارية مع أهل مكة، وهم إذ ذاك من أهم تجار بلاد العرب.
وقد بقي الفرس في اليمن حتى ظهور الإسلام، فأسلم آخر عامل فارسي، وزال ملك الفرس عنها بذلك، كما زالت الدولة التي كان العامل الفارسي يحكم باسمها.
وكانت للفرس قوة في عمان عند ظهور الإسلام، وقد ذكر أن أول من أغار عليهم "نعام بن الحارث" من "عتيك"، وكان من فرسانهم في آخر الجاهلية وأول الإسلام1.
وذكر "الطبري": أن "كسرى أنو شروان" "انصرف نحو عدن، فعسكر ناحية من البحر هناك بين جبلين مما يلي أرض الحبشة, بالسفن العظام والصخور وعمد الحديد والسلاسل. وقتل عظماء البلاد ... ثم انصرف إلى المدائن، وقد استقام له ما دون هرقلة من بلاد الروم وأرمينية، وما بينه وبين البحرين من ناحية عدن"2. وفرق "كسرى" الولاية والمرتبة بين أربعة أصبهذين, منهم: أصبهذ نيمروز وهي بلاد اليمن3.
وذكر "حمزة" أنه في زمن "كسرى أنو شروان" ولي "أنوش بن حشنشبندة" ناحية من أرض العرب، وبقي عليها بعض أيام هرمز بن كسرى4.
وكان الساسانيون كالبيزنطيين قد اتخذوا "مسالح" لهم على مشارف البوادي والحدود لحماية أملاكهم من الغزو، ولإخبار الحكومة عند دنو العدو وحالة حدوث خطر. وهي أبنية حصينة، وضعوا فيها قوات تحت إمرة أمراء منهم، يقيمون