ثم فشت الفلسفة وانتشرت، وكان ابتداء فشوّها في المتأخرين ما ذكره الحافظ ابن كثير في تأريخه سنة 672 هـ قال:

بعد أخذ التتار بغداد سنة (656 هـ) عمل الخواجا نصير الطوسي الرصد، وعمل دار حكمة فيها فلاسفة، لكل واحد في اليوم ثلاثة دراهم، ودار طبّ فيها للحكيم درهمان، وصرف لأهل دار الحديث لكل محدث نصف درهم في اليوم.

ومن ثمّ فشا الاشتغال بالعلوم الفلسفية وظهر (?) .

وكانت سوق الفلسفة والحكمة نافقة في الروم أيضا بعد الفتح الإسلامي إلى أواسط الدولة العثمانية، وكان في عصرهم فحول ممن جمع بين الحكمة والشريعة كالعلامة شمس الدين الفناري، والفاضل قاضي زاده الرومي وغيرهم (?) .

ولأبي علي عيسى بن زرعة البغدادي رسالة في أنّ علم الحكمة أقوى الدواعي إلى متابعة الشريعة، وفيها يقول: من قال: إن الحكمة تفسد الشريعة فهو الطاعن في الشريعة (?) .

وبعد ذلك نقول: كلّ من اشتغل بعلوم الحكمة ممن التزم ملة من ملل الأنبياء بقي على طريقته وحاول الجمع بينها وبين الشريعة فسدّد وقارب، ولكنه لم يخل من انتقادات.

وأمّا من سلك طريق الحكماء المشاءين الذين لم يلتزموا ملة من الملل، أو طريق الحكماء الإشراقيين الذين لم يوافقوا في رياضتهم أحكام الشرع فقد زلّت به القدم وربما وصل إلى الكفر والارتداد، إذ لم يستطع الجمع بين الشريعة والحكمة فردّ ما جاءت به الشريعة، وانتصر لقول الحكماء.

وفي الختام نذكر طائفة من أقوال السلف:

قول السلف في ذم العلوم الكلامية والفلسفية:

قال الشافعي: ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطاطاليس (?) .

قال السيوطي: ولم ينزل القرآن ولا أتت السّنة إلا على مصطلح العرب ومذاهبهم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015