على ما فيها، ولما تولّى الخلافة المأمون كتب إلى بعض ملوك النصارى يطلب منه خزانة كتب اليونان، وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد، فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي واستشارهم في ذلك، فكلهم أشار إليه بعدم تجهيزها إليه إلا واحدا، فإنه قال:

جهزها إليهم، فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها (?) .

وكان الشيخ ابن تيمية يقول: ما أظن أن الله يغفل عن المأمون، ولا بد أن يقابله على ما اعتمد مع هذه الأمة من إدخاله هذه العلوم الفلسفية بين أهلها.

وأول من أدخل الفلسفة الأندلس أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم، كان يشبّه بالمأمون العباسي في طلب الكتب الفلسفية.

الجمع بين الشريعة والحكمة:

ويقال: أول من خلط المنطق بأصول المسلمين أبو حامد الغزالي.

والذي نراه أنّ الراغب الأصفهاني بدأ هذه المحاولة قبل الغزالي، حيث قال الشهرزوري في ترجمته: (وهو الذي جمع بين الشريعة والحكمة في تصانيفه) (?) .

والغزالي حاول الجمع بين الشريعة والحكمة، وهو أحسن من جمع بينهما، ويتجلى ذلك في كتابه الكبير «إحياء علوم الدين» ، لكنه مع ذلك لم يخل من انتقادات، وكتابه الإحياء قمة في الإنتاج العلمي، ومع ذلك فقد حذّر العلماء من بعض المواضع فيه. وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: «الإحياء» وضعه على مذاهب الصوفية، وترك فيه قانون الفقه، فأنكروا عليه ما فيه من الأحاديث التي لم تصح (?) .

وممن حاول الجمع بينهما تاج الدين الشهرستاني، فقد كان يصنف تفسيرا، ويؤوّل الآيات على قوانين الفلسفة والحكمة، فقال له ظهير الدين البيهقي: هذا عدول عن الصواب، والقرآن لا يفسّر إلا بتأويل السلف والتابعين، والحكمة بمعزل عن تفسير القرآن، خصوصا ما كنت تؤوله، ولا تجمع بين الشريعة والحكمة أحسن مما جمعه الغزالي، فامتلأ غضبا (?) . والشهرستاني متوفى سنة 548 هـ.

ولابن رشد كتاب فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015