المحاورة والتخاطب والاحتجاج والاستدلال، لا على مصطلح اليونان، ولكل قوم لغة واصطلاح، وقد قال تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم/ 4] .

وقال عمر بن عبد العزيز لرجل سأله عن شيء من الأهواء: عليك بدين الصبي الذي في الكتّاب والأعراب، والْهَ عما سواهما.

وقال مالك: ما قلّت الآثار في قوم إلا ظهرت فيهم الأهواء، ولا قلّت العلماء إلا ظهر في الناس الجفاء.

وقال القاضي أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق.

وقال الغزالي: أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام (?) .

وأنشد الخطابي:

حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقا، وكلّ كاسر مكسور

أمثلة من جمع الراغب بين الشريعة والحكمة:

نقول أولا: إن القاعدة التي اتّبعها الراغب في الجمع بينهما أنه جعل الشريعة هي الأساس والميزان، ثم عرض كلام الحكماء عليها، فما وافق قبله، وما لا فلا، لذلك نجده يقول في كتابه الذريعة: (واجب على الحكيم العالم النحرير أن يقتدي بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم فيما قال:

إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزّل الناس منازلهم (?) ، ونكلم الناس بقدر عقولهم) (?) .

فمن ذلك قوله:

قيل لبعض الحكماء: هل من موجود يعمّ الورى؟ فقال: نعم أن تحسن خلقك، وتنوي لكل أحد خيرا (?) .

ثم يتبعه بما يقابله من الشريعة فيقول: وقال صلّى الله عليه وسلم: «إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015