وفي الحقيقة الحكيم المطلق هو الله تعالى، وكلّ من أدرك من المعقولات نصيبا سمّي على سبيل التجوّز والاستعارة حكيما لدنوّه من الله تعالى وتشبّهه به (?) .

- وأمّا حكمة الإشراق فهي من العلوم الفلسفية بمنزلة التصوف من العلوم الإسلامية، كما أنّ الحكمة الطبيعية الإلهية بمنزلة الكلام منها.

وبيان ذلك أنّ السعادة العظمى والمرتبة العليا للنفس الناطقة هي معرفة الصانع بما له من صفات الكمال، والتنزّه عن النقصان.

والطريق إلى هذه المعرفة من وجهين:

1- طريقة أهل النظر والاستدلال، 2- وطريقة أهل الرياضة والمجاهدات.

والسالكون للطريقة الأولى إن التزموا ملة من ملل الأنبياء فهم المتكلمون، وإلا فهم الحكماء المشاءون.

والسالكون للطريقة الثانية إن وافقوا في رياضتهم أحكام الشرع فهم الصوفية، وإلا فهم الحكماء الإشراقيون.

وعلوم الفلسفة والحكمة سبعة:

المنطق، وهو المقدّم، وبعده التعاليم فالارتماطيقي أولا ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الإلهيات.

- وأكثر من عني بها من الأجيال فارس والروم.

ولما فتح المسلمون بلاد فارس، وأصابوا من كتبهم، كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في شأن كتبها، وتنفيلها للمسلمين، فكتب إليه عمر أن اطرحوها في الماء، فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله، فطرحوه في الماء أو في النار فذهبت علومهم.

ولم تدخل في الصدر الأول في علوم المسلمين، وصانهم الله عنها.

وأمّا الروم فكان لهذه لعلوم عندهم شأن عظيم، ويزعمون أن سند تعليمهم يتصل بلقمان الحكيم.

ولما ظهر الإسلام بعث أبو جعفر المنصور إلى ملك الروم أن يبعث إليه بكتب التعاليم مترجمة، فبعث إليه بكتاب إقليدس وبعض كتب الطبيعيات، وقرأها المسلمون واطلعوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015