"التصفيح": جَعْلُ الشيء عريضًا، والصفائح: جمع صفيحة، وهي العريضة؛ يعني: جُعلت فضتُه أو ذهبه إذا لم يؤدِّ زكاتها يوم القيامة كأمثال الألواح ثم أحميت تلك الصفائح؛ أي: جُعلت حارةً في نار جهنم حتى صارت كألواحٍ من نار.
قوله: "صفائح من نار"؛ أي: جُعلت كأنها من نارٍ من غاية حرارتها، ولا يجوز أن يقال: تكون صفائحَ من نار؛ لأنه لو كانت تلك الصفائح من النار، فيكون قوله: "فأحمي عليها" بلا معنى، ولفظة: (عليها) ضمير من (الصفائح)، وتقديره: أُحميت تلك الصفائح.
قال المفسرون والمحدِّثون: إن علَّةَ أن يُكوى جنبُ مانع الزكاة وجبينُه - أي: جبهته - وظهره من بين سائر أعضائه أن صاحب المال إذا رأى الفقير الطالب الزكاة يقبض جبهته ويعبس وجهه، فيتأذى الفقير، فإذا سأله الزكاة يصرف إليه جنبه ويُعرض عنه، فإذا بالغ في السؤال يقوم ويصرف ظهره إلى الفقير، ويذهب ولا يعطيه شيئًا، فيعذب الله تعالى أعضاءَه التي آذى بها الفقير بأن يكوي بماله تلك الأعضاء.
قوله: "كلما ردَّت أعيدت"؛ يعني: كلما وصل كيُّ هذه الأعضاء من أولها إلى آخرها أُعيد الكيُّ إلى أولها حتى وصل إلى آخرها.
قوله: "ومن حقِّها حلبُها يوم وردها"، (الورد): الإتيان إلى الماء، ونوَبةُ إتيان الإبل إلى الماء في كلِّ ثلاثة أيامٍ يومًا، أو في كلِّ أربعة أيامٍ يومًا، وربما يأتي بعد ثمانية أيام.
يعني: الحقوقُ التي تصرف إلى الفقراء من الإبل: أحدها الزكاة، والثاني أن تحلب الإبل يوم وردها - أي: عند الماء - حتى يكون الفقراء حاضرين، ثم ليُصْرَفْ بعض لبنها إليهم، ولا يحلبها في موضعٍ بعيدٍ من الطريق والماء، وفي موضعٍ خالٍ