عليهِ أُولاهَا رُدَّ عليهِ أُخراها في يومٍ كانَ مِقْدَارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ حتى يُقْضَى بينَ العبادِ، فيَرَى سبيلَه إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النارِ، ولا صاحبِ بقَرٍ ولا غنَمٍ لا يُؤَدِّي منْها حَقَّها إلا إذا كانَ يومُ القيامةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ لا يَفْقِدُ منها شيئًا ليسَ فيها عَقْصَاءُ ولا جَلْحَاءُ ولا عَضْبَاءُ تنطحُهُ بُقرونِها، وَتَطَؤُهُ بأَظلاَفِهَا، كلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخراها في يومٍ كانَ مِقدارَه خمسينَ ألفَ سنةٍ حتى يُقضَى بينَ العبادِ، فَيَرَى سبيلَهُ إمَّا إلى الجنَّةِ وإمَّا إلى النارِ".
قال: "والخيلُ ثلاثةٌ: لِرَجُلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سِتْرٌ، وعلى رجلٍ وِزْرٌ، فأمَّا الذي له أجرٌ: فرجلٌ ربَطها في سبيلِ الله، فأَطالَ لها في مَرْجٍ أو رَوْضَةٍ، فما أصابَتْ في طِيَلِها ذلكَ من المَرْج أو الرَّوضةِ كانَ له حَسَنَاتٍ، ولو أنه انقطعَ طِيَلُها فاسَتَّنت شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ كانتْ آثارُها وأرواثُها حسناتٍ له؛ ولو أنها مَرَّت بنهرٍ فَشَرِبَتْ منه ولم يُردْ أنْ يسقيَها كانَ ذلك حسناتٍ له، وأمَّا الذي هي له سِترٌ: فرجلٌ ربَطها تَغَنِّيًا وتَعَفُّفًا، ثم لم يَنْسَ حَقَّ الله تعالى في رِقابها ولا ظهورِها، فهي له سِتْرٌ، وأما الذي هي عليه وِزْرٌ: فرجلٌ ربطَها فخرًا ورياءً ونِواءً لأهلِ الإِسلام، فهي على ذلك وِزرٌ".
وسُئلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحُمُرِ؟، فقال: كما أُنزِلَ عليَّ فيها شيءٌ إلا هذه الآيةُ الفاذَّةُ الجامعةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} " [الزلزلة: 7 - 8].
قوله: "لا يؤدي منها حقها" ذكر الذهب والفضة، قال: (لا يؤدِّي منها حقَّها)، فينبغي أن يقول: منهما حقَّهما، لكن أراد به: من كلِّ واحدة منهما حقَّها، فالفضةُ مؤنَّثٌ لوجود التاء فيها، والذهب يجوز تأنيثه أيضًا؛ لأنه بمعنى العين، والعين مؤنَّثٌ.