قوله: "وهو يجود بنفسه"؛ أي: وهو يتحرك ويتردَّد في الفراش؛ لكونه في النزع والغرغرة.
"تذرفان"؛ أي: تقطران وتجريان الدمع.
قوله: "وأنت يا رسول الله؟ "، يعني: وأنت تبكي كما يبكي غيرك؟ وإنما قال عبد الرحمن هذا لأنه ظن أن البكاء منهيٌّ قليلُه وكثيره.
قوله عليه السلام: "إنها رحمة"؛ يعني: البكاء يجيء من القلب الرحيم، والقلب الرحيم محمودٌ.
والبكاء يجوز من غير ندبٍ ونياحة، والمنهيُّ هو الندب والنياحة.
قوله: "ثم أتبعها بأخرى"؛ أي: ثم أتبع تلك المرة من البكاء بمرةٍ أخرى، أو تلك الدمعة، أو أتبع قوله: (إنها رحمة) بكلمةٍ أخرى، وهي قول: "إن العين تدمع".
قوله: "ولا نقول إلا ما يرضي ربنا": هذا يدل على أنه إذا لم يقل بلسانه شيئًا من الندب والنياحة، وما لا يرضاه الله تعالى، لا بأس بالبكاء.
* * *
1222 - وقال أُسامة بن زيد: أَرْسَلَتْ ابنةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إليه: إن ابنًا لي قُبضَ فأْتِنَا، فأرسلَ يُقْرِئُ السلامَ ويقول: "إنَّ للهِ ما أَخَذَ وله ما أَعْطَى، وكلٌّ عندَه بأجَلٍ مسمًّى، فلتصبرْ ولتحتسبْ"، فَأَرْسَلَتْ إليه تُقْسِمُ عليه ليأتيَنَّها، فقامَ ومعَه سعدُ بن عُبادَةَ، ورجالٌ، فَرُفِعَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الصبيُّ ونْفسُه تَتَقَعْقَعُ، ففاضَتْ عيناهُ، فقال سعدٌ: يا رسولَ الله!، ما هذا؟، قال: "هذه رحمةٌ جعلَها الله في قُلوبِ عبادِهِ، فإنما يرحمُ الله من عبادِه الرحماءَ".
قوله: "ابنًا لي قبض"؛ أي: قَرُبَ موتُه، وهو في النزع، فأرسل يقرئها