موضعٍ فيه نجاسة، وربما يعرق من الخوف والدهشة، فيستحبُّ له الغسل لإزالة العرق ورائحة الإبط الحاصلةِ في ذلك الوقت، ولتطهير أعضائه من الرشاش.
فإن قيل: قد قلتم: إن الغسل لإزالة الرشاش النجس، فينبغي أن يكون الغسل واجبًا؛ لأن إزالة النجاسة واجبة.
قلنا: إنما يجب إذا تحقَّق وصول الرشاش النجس إليه، وها هنا لم يتحقق، بل يحتمل، فيستحب ولا يجب، وأما الوضوء لحمل الجنازة: وإن لم يكن له الوضوء، فالوضوء عليه واجبٌ إذا أراد الصلاة على الميت، وإن كان له الوضوء قبل الحمل، ثم حمل الميت، فيستحبُّ له تجديدُ الوضوء بعد وضع الجنازة احتياطًا؛ لأنه ربما خرج منه ريحٌ لشدة دهشته وخوفه من حمل الجنازة وثقلِ حمل الجنازة، وهو لا يعلم بذلك من الدهشة، وربما يتغير وجهه من الخوف، فيستحب له الوضوء لإزالة التغير.
وقيل: قوله: (فليتوضأ)؛ يعني: ليكون على الوضوء حين حمل الجنازة؛ ليصلي على الميت.
* * *
376 - عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يغتسِلُ مِنْ أربَعٍ: مِنَ الجَنابةِ، ويومَ الجُمعةِ، ومِنَ الحِجامَةِ، وغُسْلِ الميِّتِ.
قولها: "ومن الحجامة"، يعني: مَن احتجم يستحبُّ له أن يغتسل؛ لأنه ربما يصيبه رشاشٌ من الدم وهو لا يعلم.
قولها: "وغسل الميت" ليس المراد به أن النبي - عليه السلام - غسل ميتًا فاغتسل من غسله، بل معناه أمرُ مَن غسل ميتًا بالاغتسال بعد الفراغ من غسله.
* * *