قوله: "ومن أشار على أخيه"، يعني: من استشار أحدًا في أمر، وسأله: كيف أفعل هذا الأمر؟ وهل فيه مصلحة أم لا؟ فقال له المستشار: المصلحة في أن تفعله، وهو يعلَمُ أن المصلحةَ في عدم فعلِه فقد خانه؛ لأنه دلَّه على ما ليس فيه مصلحتُه، أمَّا لو لم يعلم المستشارُ أن مصلحتَه في غير ما يأمره، بل ظَنَّ أن المصلحةَ فيما يأمره، ثم تبيَّنَ أنه لم تكنْ مصلحتُه فيما يأمرُه لم يكن عليه إثمٌ، بل كان كمَنْ أخطأَ في الاجتهاد، فكما أنه لا إثم على المجتهد إذا أخطأ، فكذلك لا إثم على المستشار إذا أخطأ فيما قال.
* * *
185 - وقال مُعاوية - رضي الله عنه -: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الأُغلوطات.
قوله: "أن النبي - عليه السلام - نهى عن الأغْلُوطات"، جمع أُغْلُوطة، وهي المسألةُ التي يُوقِعُ السائلُ بها المسؤولَ في الغلط، يعني: نهى رسول الله - عليه السلام - أن يسأل أحدٌ أحدًا مسألةً فيها إشكالٌ وأغلوطة للامتحان؛ ليُظْهِرَ السائلُ فَضْلَ نفسِه، وقِلَّةَ عِلْمِ المسؤول؛ لأن في هذا إيذاء وإذلالًا للمسؤول.
والإيذاء والإذلال منهيٌّ [عنه] في الشرع، مثاله: أن يسأل أحدٌ أحدًا: كيف تقول في رجل مات وخَلَّفَ زوجتَه وأخا زوجته، وأوجب الشرع نصف ميراثه لزوجته ونصفه لأخيها؟ فهذه المسألة وأشباهُها ما يَعْسُر على المسؤول حَلُّها، ويتأذَّى ويُفْضَحُ بين الناس، فلا ينبغي أن يسألَ أحدًا مثلَ هذه.
جواب المسألة أن يقول: كان الميت عبدًا اشترت زوجته ثُلُثَه، وأخوها ثُلُثَيه قبل النكاح، ثم أعتقاه، وتزوجت هذه المرأة به، ثم مات ولم يُخلِّف إلا زوجته وأخاها، فرُبع الميراث للزوجة بالزوجية، والباقي بينها وبين أخيها بالولاء