بعض حديث ولا بأس به، إذ الغرض: تبليغ لفظ الحديث سواء كان حديثًا تامًا أو بعضه إذا كان مفيدًا.
فإن قيل: لم حَرَّضَ النَّبي عليه السلام بتبليغ الأحاديث لقوله: "بلغوا عني"، ولم يحرِّضْهُم بتبليغ القرآن.
قلنا: لهذا جوابان:
أحدها: أن تبليغ القرآن داخل في قوله: "بلَّغُوا عني"؛ لأنه هو المبلِّغ للقرآن والأحاديث، فإذا قال: "بلغوا عني" يدخل فيه تعليم القرآن والحديث.
والجواب الثاني: أن طباع المسلمين مائلة وحريصة على قراءة القرآن وتعليمه وتعلمه ونشره بما فيه من الثواب بقراءته وتعليمه وتعلمه؛ لأنه الكلام القديم، ولهذا صار القرآن مشهورًا في العالم ومتواترًا بحيث لا ينكره أحد من المسلمين، فإذا كان كذلك فتبليغ القرآن ونقله حاصل، فلا يحتاج فيه إلى تحريض.
وأما الأحاديث فليس كذلك، فيحتاج فيها إلى تحريض النبي عليه السلام الناس على تبليغها وتعليمها وتعلمها، فلأجل هذا قال في نقل الأحاديث: "بلغوا عني ولو آية".
قوله: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، (الحَرَجُ): الضيِّق، ويستعمل في الإثم، وهذا رخصة من النبي عليه السلام لأمته في التَّحدث عن بني إسرائيل، وإن لم يعلموا صحة ما نقلوه عن بني إسرائيل، ولم يعلموا إسناده وراويه (?)؛ لأن معرفة صحته متعسر؛ لبعد الزمان بينهم وبين زمان موسى، ولانقطاع بني إسرائيل في زمان بُخْت نَصَّر، وهو كافر قد قتلَ بني إسرائيل إلا قليلًا.