ونصرته ورحمته على الجماعة المجتمعين على الدين، يحفظهم من الضلالة والخطأ.
قوله: "ومن شذَّ شذَّ في النار"، شذ - بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر - شذوذًا: إذا خرج من بين الجماعة وبقي منفردًا وحيدًا، و (من شَذَّ)؛ يعني: من خرج من بين جماعة المسلمين، وتفرد باعتقاد أو قول أو فعل لم تكن عليه جماعة المسلمين.
(شذ في النار)؛ أي: يستحق هو دخول النار دون جماعة المسلمين.
* * *
137 - ويُروى عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "اتَّبعوا السَّوادَ الأعظمَ، فإنه مَنْ شذَّ شذَّ في النَّارِ".
قوله: "اتَّبعوا السَّواد الأعظمَ"؛ (السواد): الجماعة، (الأعظم): أفعل التفضيل؛ يعني: فانظروا في العالم فما عليه الأكثر من علماء المسلمين من الاعتقاد والقول والفعل، فاتبعوهم فيه، فإنه هو الحق، وما عداه باطل.
واعلم: أن ما قلنا من وجوب اتباع إجماع المسلمين فهو في الاعتقاد وأصول الدين كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وغير ذلك.
وأما فروع الدين من مسائل الفقه، كبطلان الوضوء بمس الفرج ولمس النساء، وما أشبه ذلك، لا حاجة فيها إلى إجماع جميع علماء المسلمين، بل كل ما أفتى به عالم مجتهد يجوز العمل به، مثل أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد والفقهاء السبعة رحمة الله عليهم، وهم فقهاء المدينة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسَّيب، وسليمان بن يسار، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعُبيد الله بن عَبد الله ابن عُتبة بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.