السلام يبعثُ الجيوش إلى الغزو، وكانوا يمرون في طريقهم بأحياء العرب، وليس هناك سوقٌ يشترون الطعام، وربما لا يكون معهم زاد، فَغَلَّظَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ضيافَتهم على أحياء العرب، وأوجب عليهم ضيافتهم، لأنه لو لم يوجب عليهم ضيافتهم، ربما لا يضيفونهم، ولو لم يضيفوهم، لم يقدروا على الغزو، فلأجل أن لا ينقطعَ الغزوُ أوجبَ الضيافة على الذين يمرُّ عليهم الجيش، فلما قَوِيَ الإسلامُ وغلب على المسلمين الشفقة والرحمة لمن يمرُّ بهم بإطعامهم الطعام، والإحسان عليهم من تطوع أنفسهم، فَنُسِخَ وجوبُ الضيافة.

وقيل: قوله: "ومن نزل بقوم فعليهم أن يَقْرُوه" هذا (?) في حقِّ المضطر، وهو الذي لا يقدر على الذهاب من غاية الجوع، ولو لم يقروه يموت من الجوع أو يلحقه ضرر شديد، فإطعامهم إياه من الطعام بِقَدْرِ ما يسدُّ به الرَّمَق واجب عليهم، فعلى هذا لا يكون هذا الحكم منسوخًا.

قوله: "فله أن يُعَقِّبَهُمْ بمثلِ قَراه" أَعْقَبَ يُعْقِبُ: إذا جازى أحدًا بفعله.

(القِرى) بكسر القاف وبالقصر: الضيافة؛ يعني: للضيف أن يأخذ من الذين نزل بهم بقدر ضيافته قهرًا أو بالخفية، وبأي وجه يُقدر فهذا الحكم منسوخ على التأويل الأول، وليس بمنسوخ على التأويل الثاني.

وجَدُّ "المِقدام": عبد الله بن عمرو بن عُصْم.

* * *

128 - عن العِرْباض بن سَاريَة - رضي الله عنه - قال: قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيحسِبُ أحدُكُمْ مُتكئًا على أريكتِه يظنُّ أنَّ الله لمْ يُحرِّمْ شيئًا إلاَّ ما في هذا القرآن، ألا وإنِّي والله قد أَمَرْتُ، ووعَظتُ، ونَهيتُ عن أشياءَ، إنَّها لمثْلُ القرآنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015