قوله: "أوتيت القرآن ومثله معه"؛ يعني: آتاني الله القرآنَ، ومِثلَ القرآن مع القرآن، ومعنى (مثل القرآن) في وجوب القَبول والعمل به.
يعني: كما يجب العمل بالقرآن، فكذلك يجب بأحاديثي؛ لأني لا أتكلم من تلقاء نفسي، بل مما أتاني الله وأمرني به، قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4].
واعلم أن ما آتى الله رسولَه غير القرآن على أنواع:
أحدها: ما آتاه ليلة المعراج من غير واسطة مَلَكٍ.
والثاني: ما ألهمه.
والثالث: ما رآه في المنام.
والرابع: ما ينفثُ جبريل عليه السلام في رُوْعِه.
والنَّفْثُ: النَّفْخُ، الرُّوع: القلب، كما قال عليه السلام: "إنَّ جبريلَ نَفَثَ في رُوعي".
ويحتمل أن يريد بقوله: و (مثله معه) القَدْر؛ يعني: أوتيتُ القرآن، وأتيتُ أيضًا بقَدْرِ القرآن.
قوله: إلا يُوْشِكُ رجلٌ شبعانٌ ... " إلى آخره، أوشَكَ يُوشِكُ: إذا قَرُبَ، (شبعان) عبارةٌ عن السَّلطنة والبطر والتكبر.
يعني: سيحدث رجال متكبرون معرضون عن أحاديثي، يقولون لأصحابهم: عليكم بهذا القرآن؛ يعني: الزموا القرآن، واعملوا به، ولا تعملوا بغير القرآن، وهذا كفر؛ لأن تركَ أمْرِ رسول الله عليه السلام كترْكِ أمر الله.
قوله: "وإنما حرَّم رسول الله عليه السلام كما حرَّم الله تعالى"؛ يعني: حرم رسول الله عليه السلام في غير القرآن بأمر الله كما حرم الله تعالى في القرآن.