4624 - وقَالَ أَنَسٌ - رضي الله عنه -: أُتِيَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإناءٍ وهوَ بالزَّوْراءِ، فوَضَعَ يَدهُ في الإِناءِ فجعَلَ الماءُ يَنبُعُ منْ بينِ أَصَابعِهِ، فتوضَّأَ القَوْمُ، قال قَتادةُ - رضي الله عنه -: قُلتُ لِأَنَسٍ: كمْ كنتُمْ؟ قالَ: ثَلاثَ مَئِةٍ، أوْ زُهَاءَ ثَلاثَ مِئَةٍ.

قوله: "وهو بالزَّوراء"، (الزوراء): هو اسم موضع بالمدينة، قيل: سميت بذلك لبعدها من المدينة، أو لازْوِرَارِها عن المسجد، و (الزوراء): البئر البعيدة القَعْر.

قوله: "أو زُهاء ثلاث مئة"، (الزهاء) - بضم الزاي - معناه: المِقْدار.

* * *

4625 - عَنْ عبدِ الله بن مَسْعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا نعُدُّ الآياتِ برَكَةً، وأنتُمْ تَعُدُّونَها تَخْوْيفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: اطلُبوا فَضْلةً من مَاءٍ, فَجَاءُوا بإناءٍ فيهِ مَاءٌ قليلٌ، فأدْخَلَ يَدَهُ في الإِناءِ, ثمَّ قَالَ: "حَيَّ على الطَّهورِ المُبارَكِ، والبَرَكَةُ مِنَ الله"، فلقن رأيتُ الماءَ يَنبُعُ منْ بينِ أَصَابعِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولَقدْ كُنَّا نَسْمعُ تسبيح الطَّعامِ وهوَ يُؤْكَلُ.

قوله: "كنَّا نعُدُّ الآياتِ بركةً، وأنتم تعدُّونها تخويفًا"، قيل: (الآيات) ها هنا بمعنى المعجزات، سميت المعجزات آية؛ لأنها علامةٌ على نبوَّته - صلى الله عليه وسلم -.

وقيل: أراد ابن مسعود - رضي الله عنه - بذلك: أن عامة الناس لا ينفع فيهم إلا آيات نزلت بالعذاب والتخويف، وخاصَّتهم - يعني بهم: الصحابة رضوان الله عليهم - كان ينفع فيهم الآياتُ المُقْتَضية للبركة.

أصل (البركة): الثبات والدوام، ومنه: البركة والبُروك والبَرْك الذي هو الصدر، فـ (تبارك الله) معناه: دام عظمته وجلاله دوامًا وثباتًا لا إبطال له، ولهذا لا يقال: يتبارك الله، مضارعًا؛ لأن انتقال الأزمنة على القديم محال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015