قوله: "بينما هم كذلك": (ما) في (بينما) عوضٌ عن المضاف إليه، و (إذ) في "إذ بعث" للمفاجأة، والعامل في (بينما) (بعث).
يعني: متنعمون في طيب العيش والسعة، ويميلون إليه كلَّ الميل، ويسكنون فيه، ويتمادون في غرة وغفلة عظيمة، فأرسل الله عليهم فجأة ريحًا طيبة بين ذلك الزمانِ الخَضلِ، تجري تحت آباطهم، فيموت جميع من في ذلك الزمان من أهل الطاعة، ويبقى شِرارُ الناس ورذائلهم.
"يتهارجون"؛ أي: يختلطون، يقال: هرج القوم يهرجون هرجًا، وهرج الفرس: إذا اشتد عدوه، (يتهارجون): حال من (شرار الناس)؛ يعني: يبقى شرارُ الناس متهارجين مختلطين اختلاطَ الحُمُرِ، "فعليهم تقوم الساعة".
* * *
4232 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمنينَ، فَتَلْقاهُ المَسالِحُ، مَسالِحُ الدَّجَّالِ، فيقولونَ لهُ: أينَ تَعْمِدُ؟ فيقولُ: أَعْمِدُ إلى هذا الذي خَرَجَ، قال فيقولونَ لهُ: أَوَ ما تُؤمِنُ بِرَبنا؟ فيقولُ: ما بِرَبنا خَفاءٌ، فيقولونَ: اقتُلُوه، فيقولُ بعضُهُم لبعضٍ: أليسَ قد نَهاكُمْ ربُّكُمْ أنْ تقتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ، فينطلِقُونَ بهِ إلى الدَّجَّالِ، فإذا رآهُ المُؤْمِنُ قال: يا أيُّها النَّاسُ هذا الدَّجَّالُ الذي ذَكرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ النَّاسَ بهِ فيُشَبَّحُ، فيقولُ: خُذوهُ وشُجُّوهُ، فيُوسَعُ ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ ضَرْبًا، قال فيقولُ: أما تُؤمِنُ بي؟ قالَ فيقولُ: أنتَ المَسِيحُ الدَّجَّالُ الكَذَّابُ، قالَ: فيُؤْمَرُ بهِ فيُؤْشَرُ بالمِئْشارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، قال: ثمَّ يَمْشي الدَّجَّالُ بينَ القِطْعَتَيْنِ، ثمَّ يقولُ لهُ: قُمْ، فيَستوِي قائِمًا، ثُمَّ يقولُ لهُ: أتُؤْمِنُ بي؟ فيقولُ: ما ازْدَدْتُ فيكَ إلا بَصيرَةً، قالَ: ثُمَّ يقُولُ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّهُ لا يَفْعَلُ هذا بَعْدِي بأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قال: فيأخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ فيُجعَلُ ما بينَ