فكذا كل من كان يقرأها يحفظ من شرَّ الدجال ومَكرِهِ.
وأيضًا إذا قرأ فواتح الكهف، فاطلع على فضائل أصحاب الكهف؛ لمَّا التجؤوا إلى الله تعالى، وفرُّوا بدينهم إليه من شرِّ دقيانوس، أكرمهم الله بتلك الكرامة، كذلك من ينكر المسيح الدجال يكرمه الله، ويثني عليه كما أثنى عليهم.
وفيه تنبيهٌ على أن المؤمن قد يُبتلى بالظَّلَمة، ويصبر على دينه مع ظلم الظالم، فلا يرى ابتلاءه بالمسيح الدجَّال بدعةً في نفسه دون بقية المؤمنين.
قوله: "إنه خارج من خَلَّةٍ بين الشام والعراق": (الخلة): السبيل بينهما؛ يعني: يخرج الدجال من طريق واقع بين الشام والعراق، فيفسد جانب يمينه وجانب يساره، بل جميع جوانب البلاد، إلا مكة والمدينة؛ فإنهما محفوظان من عند الله بالملائكة، والمعصومُ من عصمه الله تعالى.
لكن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فاثبتوا" تسليةٌ لقلوب من ابتلي بزمانه، وتنجيةٌ لمن امتثل بأمره، وثبت على دينه، ولو فعل به ما فعل من العقوبات الشديدة.
قوله: "وما لبثه في الأرض ... " إلى قوله: "اقدروا له قدره"، قيل: يمكن إجراؤه على ظاهره، فإنه سبحانه على كلِّ شيء قدير، فكما نرى أن الدورة اليومية منقسمة على أربع وعشرين ساعة، ويزيد في أحدهما، وينقص من الآخر، فيمكن أن يطوَّلَ سبحانه فيزيد في يوم واحد أجزاء السنة، ويكون اليوم بقدر سنة.
وسؤال الصلوات وجوابه منه - صلى الله عليه وسلم - أنه ينبغي أن تُقدَّر بقدرِ أربعٍ وعشرين ساعة، فيمكن في كل مقدار من هذا خمس صلوات، والله أعلم.
وأما إذا حملناه على التأويل المعنوي، فإن استطالةَ الأيام المكروهة واستقصارَ الأيام المحبوبة مشهورٌ عند العرب في نظمهم ونثرهم.