قوله: "ينزل [أناس] من أمتي بغائِطٍ يُسمُّونَهُ البَصرَة": يقال: (غَاطَ في الأرض يَغُوْطُ ويَغِيْطُ): إذا غارَ.
قال الخطابي: المطمئن من الأرض.
و (البصرة): الحجارة الرَّخوة، وبها سمَّيت البصرة بصرة.
و"بنو قَنْطُوراء": هم الترك، يقال: إن قنطوراء اسم جارية كانت لإبراهيم عليه السلام ولدَتْ له أولادًا، وجاء من نسلهم الترك.
قوله: "فرقةٌ يأخذونَ في أذنابِ البقر والبَرَّية": يقال: أخذَ الشيءَ الفُلاني: إذا شرع فيه؛ يعني: إذا لقوا العدو هربوا مع أموالهم طالبين للنجاة، وما نجوا، بل هلكوا في البوادي.
قوله: "وفرقةٌ يأخذون لأنفسهم"؛ أي: يأخذون الأَمان لخَلاص أنفسِهم من العدو، وفهلكوا بأيديهم غدرًا.
يعني: إذا نزل بأهلها الكفارُ المذكورون كان أهلها على ثلاث طوائف:
طائفة: يأخذون البقر ويمشون إلى الصحارى طلبًا لخلاص أنفسهم، وما ينجون، بل يهلكون.
وطائفة: يأخذون الأمان؛ أي: يطلبون من الكفرة الأمان لأنفسهم وما ينجون أيضًا، بل يهلكون بأيديهم.
وطائفة: يجعلون أنفسهم وقايةً لأزواجهم وذرياتهم ويقاتلونهم حتى استشهدوا.
وظاهر الحديث يدل على أن البصرة هي البصرةُ المعهودة، وما سمعنا أن الكفار نزلوا بها قط للقتال، ولكن الصادق - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأنه كذا وقوله حقٌ وصدقٌ، فلعله يقعُ بعد ذلك، ويحتمل أن يكون مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبصرة بغداد؛ لأن بغداد كانت قريةً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من قرى البصرة وجملتها، فكأن سماها البصرة؛