قوله: "من قفا مسلمًا"؛ أي: من تبع مسلمًا؛ يعني: مَن تجسَّس عن حال مسلم ليُظهر عيبه وليعيره حبسه الله على الصراط حتى ينقى من ذلك الذنب بإرضاء خصمه أو بالتعذيب.
* * *
3927 - عن المُستَوْرِدِ بن شدَّادٍ: أنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أَكَلَ برجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فإنَّ الله يُطعِمُه مِثلَها مِن جَهَنَّمَ، ومَن كُسِيَ ثَوْبًا برجُلٍ مُسلِمٍ فإنَّ الله يكسوهُ مثلَه مِن جَهَنَّمَ، ومَن قامَ برجُلٍ مَقامَ سُمعةٍ ورِياءٍ فإنَّ الله يُقيمُهُ مَقامَ سُمْعَةٍ ورِياءٍ يومَ القيامةِ".
قوله: "من أكل برجل مسلم أكلة"؛ يعني: مَن ذم وعيَّر عدوًا عند عدوه لرضا العدو المستمع؛ ليطعمه شيئًا، وليقول هذا العدو: إن هذا القائل صديقه = أطعمه الله من غسلين جهنم، ومثله: "من كسا ثوبًا برجل مسلم"؛ أي: بسبب غيبة رجل مسلم وقذفه.
"ومن قام برجل مقام سمعة ورياء" الباء في (برجل) يحتمل أن تكون للتعدية، وأن تكون الباء للسببية:
فإن كانت للتعدية يكون معنى الحديث: مَن أقام رجلًا مقام سمعة ورياء؛ يعني: من أظهر رجلًا بالصلاح والتقوى ليعتقد الناس فيه اعتقادًا حسنًا؛ ليعطوه المال وليحصل له منهم جاء، وعلم الذي يظهره بالصلاح أنه ليس بصالح، "فإن الله يقوم له مقام سمعة ورياء يوم القيامة"؛ يعني: يأمر الله تعالى ملائكته بأن ينادوا: إن هذا الرجل كذاب قد أظهر في الدنيا رجلًا بالصلاح مع علمه بأنه غير صالح؛ ليشترك فيما حصل له من المال.
وإن كانت الباء باء السببية يكون معنى الحديث: أن من قام وأظهر من نفسه الصلاح والتقوى لأجل أن يعتقد فيه رجلٌ عظيمُ القَدْرِ كثيرُ المال الصلاحَ والتقوى؛