الشرك، بل المراد اشتراكهما في حصول الإثم لا في قَدْرِ الإثم، ولا يلزم مساواة المشبَّه والمشبَّه به في جميع الأشياء، بل يكفي المساواةُ بينهما في شيء واحد.
* * *
3916 - عن أبي الدَّرْداءِ قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلاَ أُخبرُكم بأفضلَ مِن دَرَجةِ الصِّيامِ والصَّدَقةِ والصَّلاةِ؟ "، قال: قُلنا: بلى، قال: "إِصْلاحُ ذاتِ البَيْنِ، وإفْسادُ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ", صحيح.
قوله: "وفساد ذات البين هي الحالقة" أراد بـ (ذات البين): المخاصمةَ والمهاجَرةَ بين اثنين بحيث يحصل بينهما بينٌ، و (البين): الفُرقة؛ يعني: إيقاع الفُرقة والعداوة بين المسلمين، (حالقة)؛ أي: ماحية ومزيلة للثواب والخيرات؛ يعني: يمنعه شؤم هذا الفعل عن تحصيل الثواب والطاعات.
* * *
3917 - وقالَ: "دَبَّ إليكُم داءُ الأممِ قبلَكم: الحَسَدُ والبغضاءُ، هي الحالِقَةُ، لا أقولُ: تحلِقُ الشَّعرَ، ولكنْ تحلِقُ الدَّينَ".
قوله: "دب إليكم داء الأمم"؛ أي: صار فيكم عادة الأمم الماضية، وتلك العادة هي الحسد والبغضاء. وضمير المؤنَّث في "هي الحالقة" ضمير البغضاء؛ لأنها مؤنث.
"ولكن تحلق الدين" والمراد بحلق الدين أنها تمنع الإنسان من فعل الخيرات، والحضورِ في الصلوات، والمحبة الكاملة في الله تعالى؛ لأن مَن امتلأ صدره بالحسد والبغضاء لا يكون له محبةٌ كاملة في الله، وذوقٌ من الطاعات.
و"الحسد" في الحقيقة: مُضادَّة الله؛ لأن الحسود لا يرضى بقضاء الله، فإن الله تعالى هو الذي رزق المحسود الرفعةَ والزيادة على الحاسد، والحاسد