من غير عملٍ لا يجوز إقطاعه، بل يُترك بحاله حتى ينتفع الناس به، وذلك كالملح والقير والنفط وغيرها.
فأما المعدن الباطن الذي لا يظهر مقصوده إلا بالعمل، كمعدن الذهب والفضة والفيروزج وغيرها، يجوز إقطاعه أحدًا ليعمل فيه ويأخذ من فوائده.
وفي هذا الحديث: بيانُ أن الحاكم إذا حكم بشيء ثم تبين له أن الحق في غيره، فعليه أن يرجع عن ذلك الحكم، ويحكم بالثاني؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع عن ذلك الإقطاع لمَّا أُخبر أن ذلك المعدن معدن ظاهر.
قوله: "وسأله ماذا يحمى من الأراك؟، قال: ما لم تنله أخفاف الإبل"، (نال ينال): إذا أصاب، أراد بالحِمَى هنا: الإحياءُ، لا الحِمَى؛ لأنَّا قد بينا في أول هذا الباب أن الحمى لا يجوز لأحد لأجل نفسه.
وفي هذا دليل: على أن الإحياء لا يجوز بقرب العمارة، وما يتعلق بعمارة البلد، وما يحتاج أهل البلد إليه من رعي مواشيهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما لم تنله أخفاف الإبل)؛ أي: ليكن الإحياءُ في موضعٍ بعيدٍ لا تصلُ إليه مواشي أهل البلد للمرعى.
* * *
2214 - وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمونَ شركاءُ في ثلاثٍ: في الماءِ، والكَلأِ، والنَّارِ".
قوله: "المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار"؛ يعني: الماء الذي يجري في نهرٍ ليس ملكًا لأحد، أو في عينٍ مباحة، فالناسُ كلُّهم شركاءُ في هذا الماء، يأخذ كلُّ واحد ما شاء منه، وليس لأحد أن يمنع أحدًا منه، وكذلك الكلأ الذي نبت في مواتٍ.