فيهمْ لَديغٌ، فعَرَضَ لهمْ رجلٌ مِنْ أهلِ الماءِ فقال: هلْ فيكُمْ مِنْ راقٍ؟ إنَّ في الماءِ رجُلًا لدِيغًا. فانطلقَ رجلٌ منهم فقرأَ بفاتِحَةِ الكتابِ على شاءٍ فبرأَ، فجاءَ بالشاءِ إلى أصحابهِ فكرِهُوا ذلكَ وقالوا: أخذتَ على كتابِ الله أجْرًا، حتى قَدِمُوا المدينةَ فقالوا: يا رسولَ الله! أخذَ على كتابِ الله أجرًا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحقَّ ما أخذْتُمْ عليهِ أجْرًا كتابُ الله".
وفي روايةٍ: "أصبتُمْ، اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا".
قوله: "مروا بماء"؛ أي: مروا بقبيلةٍ نازلةٍ عند عينِ ماءٍ.
"لديغ"؛ أي: ملدوغ؛ أي: مَن لسعته حية.
"فعرض لهم"؛ أي: فاستقبلهم رجلٌ من تلك القبيلة.
"راقٍ": اسم فاعل من رقى يرقي: إذا قرأ رقية.
"انطلق"؛ أي: ذهب فقرأ بفاتحة الكتاب.
"على شاء"، (الشاء): جمع شاة، وهي الغنم؛ يعني: قال ذلك الرجل لهم: أَرْقي هذا اللديغَ بشرطِ أن تعطوني كذا رأسًا من الغنم، فاشترطوا هذا الشرط.
"فقرأ عليه فاتحة الكتاب فبرئ ببركة كلام الله"؛ أي: صحَّ من ذلك الوجع.
ولهذا قال الشافعي ومالك: يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والرُّقْية إذا كانت الرقية بكلام الله وباسمه تعالى، والدعوات.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والرقية.
قوله: "أصبتم"؛ أي: فعلتم صوابًا وحقًا.
و"اقسموا واضربوا لي معكم سهمًا"؛ يعني: اقسموا وبينوا لي نصيبًا من هذه الشاء، وإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام؛ لتطمئن قلوبهم باستحلال أخذ