قوله: "ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم ... " إلى آخر الحديث.
وعلةُ رعيهم - عليهم السلام - أنهم إذا خالطوا الغنم زاد لهم الحِلْمُ والشفقة، فإذا صبروا على مشقة رعي الغنم، وأُعلموا اختلاف طباع كلَّ فرد من الغنم، وصبروا على جمعها مع تفرُّقها في المرعى والمشرب، وعرفوا ضعفها واحتياجها إلى النقل من موضعٍ إلى موضعٍ للرعي والشرب، فإذا عرفوا هذه الأشياء علموا أن مخالطة العوامِّ من الناس كمخالطة الغنم في اختلاف طباعهم، وقلةِ عقول بعضهم، ولحوقِ المشقَة من الأمة إليهم، فلا تنفر طباعهم, ولا تملُّ نفوسهم من دعوتهم إلى الدين؛ لأنهم اعتادوا تحمُّل الضرر والمشقة.
قوله: "على قراريط" جمع قيراط، وأصله: قرراط، فقلبت الراء الأولى ياء؛ يعني: استأجرني أهل مكة على رعي الغنم كلَّ يوم بقيراط، وقد ذُكر قَدْرُ القيراط في (باب المنهي عنها من البيوع) في (فصل حديث جابر).
* * *
2198 - وقال: "قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصْمُهمْ يومَ القِيامَةِ: رجلٌ أعطَى بي ثمَّ غَدَرَ، ورجلٌ باعَ حُرًّا فأكلَ ثَمنَهُ، ورجلٌ استأجَرَ أجِيرًا فاسْتوفَى منهُ ولم يُعطهِ أجرَهُ".
قوله: "أعطى بي"؛ أي: أعطى عهدًا ويمينًا؛ أي: حلف بي مع أحد، وجرى بينه وبين ذلك الرجل عهدٌ على أن يحفظ مصالحه وحقه، ثم غدر ونقض عهده بلا جُرمٍ من جانبه.
روى هذا الحديث أبو هريرة.
* * *
2199 - وعن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أنَّ نفرًا مِنْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرُّوا بماءٍ