قوله: "ولا يُنَفَّرُ صيدُهُ"؛ يعني: لا يجوز لأحدٍ قتل صيد الحرم ولا تنفيره ولا إيذاؤه، فإنْ قتلَ صيدًا لزمه مثله، إن كان له مثل من النعم، والنعم: الإبل والبقر والغنم، وإن لم يكن له مثل لزمه قيمته، وهو مخيَّرٌ من أن يذبح مثله من النعم ويفرق لحمه على مساكين الحرم، وبين أن يخرج قيمته طعامًا ويفرقه عليهم، وبين أن يصوم بكل مُد من الطعام الذي هو قيمة ذلك الصيد يومًا.
ويجب بقتل حمامة الحرم والفاختة والقُمْري شاة، أو قيمته من الطعام، أو يصوم عن كل مد يومًا، وجزاءُ صيدٍ يقتلُهُ المُحْرِمُ في غير الحَرَمِ، وجزاءُ صيدِ الحَرَمِ سواء قتله مُحْرم أو غير مُحْرِم سواء.
قوله: "ولا يلتقط لُقَطَتَهُ إلا مَنْ عَرَّفها"، (اللُّقَطُ): ما يؤخذ من مالٍ ضَلَّ عن صاحبها.
فأظهر قولي الشافعي: أنه لا يجوز لأحد أن يأخذ لُقَطَةَ الحرم، ليتملكها، بل يلزمه أن يحفظها أبدًا ليجيء مالكها.
وقوله الآخر: أنه يعرِّفها سَنة، فإن لم يأتِ صاحبها فله أن يتملكها بعد السَّنة كلقطة غير الحرم، وبهذا القول قال أبو حنيفة ومالك وأحمد.
قوله: "ولا يُخْتَلَى خلاه"، (اختَلَى) بالخاء المعجمة، وهو ناقص، وليس بمهموز، ومعناه: قطع الخَلاء وهو الحشيش؛ يعني: لا يجوز قطع حشيش الحرم، فإن قطعه لزمه قيمته، ويجوز أن ترعاه الدواب عند الشافعي، ولا يجوز عند أبي حنيفة، وما له الشوك يجوز قطعه كيلا يضر الناس.
قوله: "إلا الإذْخِرَ فإنه لِقَيْنِهِمْ"، (الإذخر): نبت عريض الأوراق، (القين): الحداد، يعني: استثنى رسول الله - عليه السلام - الإذخر عن التحريم، فإنه يحتاج إليه الناس، فإنهم يجعلونه في قبورهم، وفي شقوق بيوتهم، ويحرقه الحدادون بدل الحطب والفحم.
* * *