الخالصة في محبة الله تعالى ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والدِّين، وتبقى الهجرة بالنية عن المعاصي إلى التوبة.
قوله: "وإذا استنفرتم فانفروا"؛ يعني: وإذا خرجتم إلى الجهاد فاخرجوا؛ أي: إذا أمركم أمراؤكم بالخروج إلى الغزو فاخرجوا حيث ما كنتم.
قوله: "ولم يَحِلَّ لي إلا ساعةً من نهار"، قيل: هذا عطف على قوله: "لم يحلَّ القتال فيه لأحدٍ قبلي".
ومعناه: ولم يحلَّ القتال لي فيه إلا ساعة، وهو حين فتح مكة؛ فإنه حلَّ له أن يقتل المشركين، وهذا يدل على أن مكة فتح عنوة؛ أي: قهرًا، وبهذا قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -.
وقيل: بل قوله: "ولم يحلَّ لي" كلام مستأنف، ومعناه: ولم يحلَّ لي دخول مكة بغير إحرام إلا يوم فتح مكة، وليس أُنه أُحلَّ لي القتال فيه.
وبهذا قال الشافعي ومالك وأحمد، وهم يقولون: فتحت مكة صلحًا.
وفائدة هذا الخلاف: أن من قال: فتحت عنوة: أنه لا يجوز بيع دور مكة ولا إجارتها؛ لأنها موقوفة؛ لأن رسول الله - عليه السلام - جعلها وقفًا بعدما أخذها من الكفار.
ومن قال: فتح صلحًا: يجوز بيعها وإجارتها؛ لأنها مملوكة لأصحابها؛ لأن رسول الله - عليه السلام - لم يأخذها، بل تركَهَا في أيديهم.
قوله: "ولا يُعْضَدُ شَوْكُهُ"؛ أي: لا يقطعُ شجر حرم مكة، والمراد منه: شجر لا يغرسه الآدميون مما لا شوك له يؤذي الناس، فإن قلع شجرة يغرسها الآدميون، أو شجرة ذات شوك يؤذي الناس، فلا شيء عليه، وفي قطع شجرة كبيرة مما لا يغرسه الآدميون ولا يُؤذى الناس بشوكها، لزمه بقرة، وفي شجرة صغيرة، لزمه شاة، قَدْرُ صِغر الشجر وكِبرها يتعلقُ بالعُرْفِ.