قوله: "الحجُّ عَرَفَةُ، مَنْ أدركَ عرفةَ ليلةَ جَمْعٍ قبل طُلوع الفجر فقد أدرك الحجَّ"؛ يعني: معظم الحج عرفة؛ أي: مَن حضر بعرفة (ليلة جَمْعٍ)؛ أي: في ليلة المزدلفة؛ يعني: ليلة العيد "فقد أدرك الحج"؛ لأن وقوف عرفة يفوت، وباقي أركان الحج لا تفوت، فإذا أدرك عرفة فقد أدرك الحج؛ لأنه يمكنه أن يفعل باقي أركان الحج متى شاء.
* * *
(باب حرم مكة)
مِنَ الصِّحَاحِ:
1979 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "لا هِجْرَةَ، ولكِنْ جِهادٌ وَنيَّةٌ، فإذا اَسْتُنْفِرْتُمْ فاَنْفِرُوا"، وقالَ يَوْمَ فَتْح مَكَّةَ: "إنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّماوَاتِ والأرضَ، فهو حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وإنَّه لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فيهِ لأحَدٍ قَبْلِي، ولَمْ يَحِلَّ لِيْ إلا ساعةً مِنْ نَهارٍ، فهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ الله إلى يَوْمِ القيامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولا يَلتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، ولا يُخْتَلَى خَلاهُ"، فقال العبَّاسُ: يا رسولَ الله، إلاَّ الإذْخِرَ، فإنَّه لقَيْنِهِمْ ولِبُيوتِهِمْ، قال: "إلاَّ الإِذْخِر".
قوله: "لا هِجْرَةَ ولكن جهادٌ ونية"؛ يعني: كانت الهجرة من مكة إلى المدينة فرضًا على كل مَنْ أَسلمَ قبلَ فتح مكة؛ لأن المسلمين لم يقدروا على إظهار دينهم بين مشركي مكة، فلما فُتحت مكة رُفِعَتِ الهجرة؛ لأنه لم يبقَ خوف العدو ومنعهم عن إظهار المسلمين دينهم، ويبقى فرض الجهاد والنية