قوله: "قد تحلَّب ثَدْيُها"؛ أي: تكثَّر لبن ثديها بحيث يجري اللبن من ثديها.
قوله: "إذا وجدت صبيًا في السَّبي أخذته وألصقتْهُ ببطنها"؛ يعني: من غاية رحمتها وشفَقَتها بولدها الغائب إذا وجدت صبيًا أجنبيًا أخذته وأرضعته.
قوله: "أترون هذه طارحةً وَلدَها"، (الطرح): الإسقاط؛ يعني: أتظنون وتعلَمون أن هذه المرأة تُلقي ولدها في النار مع شدة شفقتها وحنينها.
قولهم: "وهي تقدر على أن لا تطرحه"، الواو في (وهي) للحال؛ يعني: في حال اختيارها لا تُلقيه في النار.
* * *
1698 - وقال: "لن يُنجيَ أَحَدًا منكم عملُه! "، قالوا: ولا أنتَ يا رسولَ الله؟ قال: "ولا أنا، إلَّا أنْ يتغمَّدَنيَ الله منهُ بِرَحْمتِهِ، فسدِّدوا، وقارِبُوا، واغْدُوا ورُوحُوا، وشيئًا مِن الدُّلْجةِ، والقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا".
قوله: "لن ينجي أحدًا منكم عملُه"؛ يعني: لن يتخلَّص أحدٌ منكم من النار بعمله، ولن يدخل الجنةَ بعمله إلا بفضلِ الله ورحمته.
اعلم أن اعتقادَ أهلِ السنة: أن الكسبَ ليس سببَ جلب الرزق، بل الرزق من الله تعالى، فَرُبَّ مُكْتسبٍ ومُبالغٍ في الكسب لا يحصُل له الرزقُ إذا لم يرزقه الله، وربَّ تاركٍ للكسب ومشتغل بالعبادة وغيرِها فيرزقه الله رزقًا حسنًا، ولكنَّ الناسَ مأمورون بالكسب لمعاونة بعضهم بعضًا، ولتكون أسبابُهم الدُّنيوية مُهيَّأة من الزراعة والعمارة والحِرَف وغيرها من غير أن يعتقدوا حصولَ الرزق من الكسب، بل بحصول الرزق من الله الكريم.
فكذلك الناسُ مأمورون بالأعمال الصالحة من غير أن يعتقدوا التخليصَ من الجحيم، ودخول جنة النعيم بأعمالهم، بل بفضل الله ورحمته، فإن جميعَ