قوله:
"إن تغفِرِ اللهمَّ تغفر جَمًّا ... وأي عبد لك لا ألمَّا"
(جمًا)؛ أي: كثيرًا، (ألم): إذا نزل بالذنب، و (ألم): إذا فعل اللَّمم؛ يعني: اللهم إن تغفرْ ذنوبَ عبادك فقد غفرتَ ذنوبًا كثيرة، فإنَّ جميعَ عبادِك كلَّهم خطَّاءون.
وهذا مثل قوله: "كلُّ بني آدمَ خَطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائين التوابون"، وقد ذكر بحثه قبيل هذا، وهذا البيت؛ أعني: إن تغفر اللهمَّ، من أشعار أُميةَ بن أبي الصَّلت قرأه رسولُ الله عليه السلام استشهادًا بأن المؤمن لا يخلو من اللَّمم.
* * *
1688 - عن أبي ذَرًّ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقولُ الله تعالى: يا عبادِي!، كلُّكم ضالٌّ إلَّا مَنْ هدَيْتُهُ، فَسَلوني الهُدَى أَهْدِكم، وكلُّكم فُقراءُ إلَّا مَن أَغْنَيتُ، فَسَلُوني الرِّزْقَ أَرزُقْكم، وكلكُّم مُذنِبٌ إلا مَنْ عافَيْتُ، فمَن عَلِمَ منكم أني ذُو قُدرةٍ على المغفرةِ فاستغفرَني غَفَرتُ لهُ، ولا أبالي، ولو أنَّ أَوَّلَكم وآخِرَكم، وحَيَّكم وميتكم، ورَطْبَكم ويابسَكم، اجتمعُوا على أَتْقَى قلْبِ عبدٍ مِن عِبَادي ما زادَ ذلكَ في مُلْكي جَناحَ بعَوضَةٍ، ولو أنَّ أوَّلَكم وآخِرَكم، وحَيَّكم ومَيتَكم، ورَطْبَكم ويابسَكم اجتمعُوا على أشقَى قلْبِ عبْدٍ مِن عبادي ما نقصَ ذلكَ من مُلْكي جَناحَ بَعُوضَةٍ، ولو أنَّ أوَّلَكم وآخِرَكم، وجِنَّكُم وإِنْسَكم، ورَطْبَكم ويابسَكم اجتمعُوا في صعيدٍ واحدٍ، فسأَلَ كلُّ سائلٍ مِنكم ما بلغَتْ أُمنيَّتهُ، فأَعطيتُ كلَّ سائلٍ منكم مَسْأَلتَهُ ما نقَصَ ذلكَ مِن مُلْكي إلَّا كما لو أنَّ أحدكم مَرَّ بالبَحرِ، فغَمَسَ فيه إبرْةً، فَرفَعَها، ذلكَ بأنَّي جَوادٌ ماجدٌ، أَفْعلُ ما أُريدُ، عطائي كلامٌ، وعَذابي كلامٌ، إنَّما أمري لشيءٍ إذا أردتُ أنْ أقولَ لهُ: كُنْ، فيكونُ".