يعني: أول من يدعى إلى الجنة الذين يرضون عن الله بما أجرى عليهم من الحُكْم غنى كان أو فقرًا، مشقة كانت أو راحة، هذا هو الكمال في العبودية.

روى هذا الحديثَ ابن عباس.

* * *

1654 - قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وقال مُوسَى: يا ربِّ، علِّمني شيئًا أَذْكُرُكَ بهِ، قال قُل: لا إلهَ إلاَّ الله، لو أنَّ السَّماواتِ السَّبع وعامِرَهُنَّ غيرِي، والأَرَضيْنَ السَّبعَ وُضعْنَ في كِفَّةٍ، ولا إلهَ إلاَّ الله في كِفةٍ لَمَالَتْ بهنَّ لا إلهَ إلاَّ الله".

قوله: "وعامرهن غيري"، أراد بالعامر: الساكن.

وعامر المكان: مَنْ عمل عمارة وصلاح ذلك المكان؛ إما بالسكون فيه، أو بإصلاحه؛ يعني: لو أن جميع السماوات ومَنْ فيهن مما سوى ذكر الله، وكذلك الأراضي ومن فيهن مما سوى ذكر الله وُضعْن في إحدى رأس الميزان، ووضعت كلمة لا إله إلا الله في الرأس الآخر "لمالت"؛ أي؛ لرَجَحت (لا إله إلا الله).

قوله: "غيري": هذا مشكل على تأويل العامر بالساكن؛ فإن الله ليس بساكن السماوات والأرض، بل لا مكان له أصلاً، وطريق دفع هذا الإشكال بأن يقول: معنى العامر: المصلح، فإن الله تعالى مصلح السماوات والأرض ومَنْ فيهن، والملائكة في السماوات هم مصلحو السماوات بسكونهم فيهنَّ، وأهل الأرض مصلحو الأرض، فإذا كان أهل السماوات والأرض مصلحي السماوات والأرض بهذا التأويل، صحَّ قولُه: (وعامرهنَّ غيري).

ويحتمل أن يكون تأويله: وما فيهن غير كلامي وذكري، فحذف المضاف وهو الكلام والذكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015