رغبةً، قال: فيقولُ: فَمِمَّ يتَعَوَّذونَ؟، قال: يقولونَ: من النَّار، قال: فهل رَأَوْها؟ قال: يقولونَ: لا والله يا ربِّ ما رَأَوْها، قال: يقولُ: فكيفَ لو رَأَوْها؟، قال: يقولونَ: لو رَأَوْها كانوا أَشَدَّ منها فِرارًا وأشدَّ لها مخافةً، قالوا: ويَستغفِرُونَكَ، قال: فيقولُ: فأُشْهِدُكم أَنِّي قد غفَرتُ لهم، وأَعطيتُهم ما سَأَلوا، وأَجَرْتُهم مما استَجارُوا، قال: يقولُ مَلَكٌ مِنَ الملائكةِ: ربِّ فيهم فُلانٌ ليسَ مِنْهُم، إنَّما جاءَ لحَاجَةٍ".
وفي روايةٍ: "يقولونَ: ربِّ فيهم عبدٌ خطَّاءٌ، إنَّما مَرَّ فجلَسَ معَهم، قال: فيقولُ: ولهُ غفَرتُ، هُم القَومُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُم".
قوله: "يلتمسون أهلَ الذكر"؛ يعني: يطلبون من يذكر الله من بني آدم؛ ليزورُوهم، ويدعوا لهم، ويستمعوا إلى ذكرهم.
"تنادَوا"؛ أي: ينادي بعضُ تلك الملائكة بعضًا، ويقولون: (هلموا)؛ أي: تعالوا "إلى حاجتكم"؛ أي: إلى ما تطلبون من استماعِ الذكرِ، فإنا قد وجدنا جماعةً من أهل الذكر.
قوله: "هلموا" هذا اللفظُ يجوز أن يُجعَل في التثنية والجمع والمذكر والمؤنث (هَلُمَّ): بفتح الميم على لفظ الواحد، ويجوز أن يُصرَّفَ كـ (مُدَّ)، وهو أمرُ حاضرٍ من (المدِّ).
قوله عليه السلام: "فيحفونهم بأجنحتهم"، (الحُفوف): الاجتماعُ والاشتمال حول الشيء.
(الأجنحة): جمع جناح، والباء للتعدية؛ يعني: يديرون أجنحتهم حولَ جماعةِ الذاكرين.
قوله: "إلى السماء"؛ يعني: يقف بعضُهم فوقَ بعض إلى السماء الدنيا.